للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فقد ابيتم الا ان تجعلوا أبا موسى.

قالوا: نعم.

قال: فاصنعوا ما احببتم.

قالوا: فأرسلوا رسولا الى ابى موسى، وقد كان اعتزل الحرب، واقام بعرض [١] . من اعراض الشام، فدخل عليه مولى له، فقال: قد اصطلح الناس، قال: الحمد لله رب العالمين. قال: وقد جعلوك حكما.

قال: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.

فاقبل ابو موسى حتى دخل عسكر على، فولوه الأمر، ورضوا به، فقبله.

فقال الأحنف بن قيس لعلى: انك قد منيت بحجر الارض، وداهيه العرب، وقد عجمت أبا موسى، فوجدته كليل الشفرة، قريب العقر، وانه لا يصلح لهذا الأمر الا رجل يدنو من صاحبه حتى يكون في كفه، ويبعد منه حتى يكون مكان النجم، فان شئت ان تجعلني حكما فافعل، والا فثانيا او ثالثا، فان قلت: انى لست من اصحاب رسول الله ص، فابعث رجلا من صحابته، واجعلنى وزيرا له ومشيرا.

فقال على: ان القوم قد أبوا ان يرضوا بغير ابى موسى، «والله بالِغُ أَمْرِهِ» .

قالوا: فقال ايمن بن خريم الأسدي من اهل الشام، وكان معتزلا للقوم:

لو كان للقوم راى يهتدون به ... بعد القضاء رموكم بابن عباس

لكن رموكم بشيخ من ذوى يمن ... لم يدر ما ضرب اخماس لأسداس

[٢]


[١] العرض: الجانب من كل شيء
[٢] تقول العرب لمن خاتل، ضرب أخماسا لأسداس، وهو مثل، اصله ان شيخا كان في ابله ومعه اولاده رجالا يرعونها، قد طالت غربتهم عن أهلهم، فقال لهم ذات يوم: ارعوا ابلكم بربعا، فرعوا ربعا نحو طريق أهلهم، فقالوا له: لو رعيناها خمسا، فزادوا يوما قبل أهلهم، فقالوا: لو رعيناها سدسا، ففطن الشيخ لما يريدون، فقال: ما أنتم الا ضرب اخماس لأسداس، ما همتكم رعيها، انما همتكم أهلكم.

<<  <   >  >>