للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأتي كتب معاويه الى عمرو بن العاص، فلا يأتيه احد من اصحابه، يسأله عن شيء من امره.

قالوا: وكتب معاويه الى عبد الله بن عمر بن الخطاب، والى عبد الله بن الزبير، والى ابى الجهم بن حذيفة، والى عبد الرحمن بن عبد يغوث: اما بعد، فان الحرب قد وضعت أوزارها، وصار هذان الرجلان الى دومه الجندل، فاقدموا عليهما ان كنتم قد اعتزلتم الحرب، فلم تدخلوا فيما دخل فيه الناس، لتشهدوا ما يكون منهما، والسلام.

فلما أتاهم كتابه ساروا جميعا الى دومه الجندل، فأقاموا ينتظرون ما يكون من الرجلين، وحضر معهم سعد بن ابى وقاص، وسار المغيره بن شعبه، وكان مقيما بالطائف لم يشهد شيئا من تلك الحروب حتى اتى دومه الجندل، فأقام ينتظر ما يكون منهما، فلما طال مقامه سار من هناك حتى اتى معاويه بدمشق، فقال له معاويه: اشر على بما ترى، فقال له المغيره: لو اشرت عليك لقاتلت معك، ولكنى قد اتيتك بخبر الرجلين.

قال: وما خبرهما؟.

قال: انى خلوت بابى موسى لأبلو ما عنده، فقلت: ما تقول فيمن اعتزل عن هذا الأمر، وجلس في بيته كراهية للدماء؟، فقال: أولئك خيار الناس، خفت ظهورهم من دماء إخوانهم، وبطونهم من أموالهم.

قال: فخرجت من عنده، واتيت عمرو بن العاص، فقلت: يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن اعتزل هذه الحروب؟، فقال: أولئك شرار الناس، لم يعرفوا حقا، ولم ينكروا باطلا. وانا احسب أبا موسى خالعا صاحبه، وجاعلها لرجل لم يشهد، واحسب هواه في عبد الله بن عمر بن الخطاب. واما عمرو بن العاص فهو صاحبك الذى عرفته، واحسب سيطلبها لنفسه او لابنه عبد الله، ولا أراه يظن انك أحق بهذا الأمر منه. فاقلق ذلك معاويه.

<<  <   >  >>