للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ابن ملجم يجلس في مجلس تيم الرباب من صلاه الغداة الى ارتفاع النهار، والقوم يفيضون في الكلام، وهو ساكت، لا يتكلم بكلمة، للذي اجمع عليه من قتل على.

فخرج ذات يوم الى السوق متقلدا سيفه، فمرت به جنازة يشيعها اشراف العرب، ومعها القسيسون يقرءون الانجيل، فقال: ويحكم، ما هذا؟ فقالوا: هذا ابجر بن جابر العجلى مات نصرانيا، وابنه حجار بن ابجر سيد بكر ابن وائل، فاتبعها اشراف الناس لسؤدد ابنه، واتبعها النصارى لدينه.

فقال: والله لولا انى ابقى نفسي لامر هو اعظم عند الله من هذا لاستعرضتهم بسيفي فلما كانت تلك الليلة تقلد سيفه، وقد كان سمه، وقعد مغلسا ينتظر ان يمر به على رضى الله عنه مقبلا الى المسجد لصلاة الغداة.

فبينا هو في ذلك إذ اقبل على، وهو ينادى: الصلاة ايها الناس فقام اليه ابن ملجم، فضربه بالسيف على راسه، وأصاب طرف السيف الحائط، فثلم فيه، ودهش ابن ملجم، فانكب لوجهه، وبدر السيف من يده، فاجتمع الناس، فاخذوه، فقال الشاعر في ذلك:

ولم أر مهرا ساقه ذو سماحه ... كمهر قطام من فصيح واعجم

ثلاثة آلاف وعبدا وقينة ... وضرب على بالحسام المصمم

فلا مهر اغلى من على وان غلا ... ولا فتك الا دون فتك ابن ملجم

وحمل على رضى الله عنه الى منزله، وادخل عليه ابن ملجم.

فقالت له أم كلثوم ابنه على: يا عدو الله، اقتلت امير المؤمنين؟.

قال: لم اقتل امير المؤمنين، ولكنى قتلت اباك.

قالت: اما والله انى لأرجو الا يكون عليه باس.

قال: فعلا م تبكين إذن؟ اما والله لقد سممت السيف شهرا، فان اخلفنى ابعده الله.

فلم يمس على رضى الله عنه يومه ذلك حتى مات رحمه الله ورضى عنه.

<<  <   >  >>