للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخرجا من عنده، واقبلا حتى دخلا على هانئ بن عروه، فأخبراه بما قال لهما ابن زياد، وما قالا له، ثم قالا له:

اقسمنا عليك الا قمت معنا اليه الساعة لتسل سخيمه [١] قلبه.

فدعا ببغلته، فركبها، ومضى معهما، حتى إذا دنا من قصر الإمارة خبثت نفسه.

فقال لهما:

ان قلبي قد اوجس من هذا الرجل خيفة.

قالا: ولم تحدث نفسك بالخوف وأنت بريء الساحة؟.

فمضى معهما حتى دخلوا على ابن زياد، فأنشأ ابن زياد يقول متمثلا:

اريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد

قال هانئ: وما ذاك ايها الأمير؟.

قال ابن زياد: وما يكون اعظم من مجيئك بمسلم بن عقيل، وادخالك اياه منزلك، وجمعك له الرجال ليبايعوه؟.

فقال هانئ: ما فعلت، وما اعرف من هذا شيئا.

فدعا ابن زياد بالشامي، وقال: يا غلام، ادع لي معقلا.

فدخل عليهم.

فقال ابن زياد لهانئ بن عروه: اتعرف هذا؟.

فلما رآه علم انه انما كان عينا عليهم.

فقال هانئ: اصدقك والله ايها الأمير، انى والله ما دعوت مسلم بن عقيل، وما شعرت به. ثم قص عليه قصته على وجهها.

ثم قال: فاما الان فانا مخرجه من دارى لينطلق حيث يشاء، وأعطيك عهدا وثيقا ان ارجع إليك.


[١] السخيمة: الحقد والضغينة والموجدة في النفس.

<<  <   >  >>