للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ان المختار دعا بالأسرى الذين اسرهم من اهل الكوفه في الوقعه التي كانت بينه وبين اهل الكوفه، فجعل يضرب أعناقهم حتى انتهى الى سراقه البارقى، وكان فيهم، فقام بين يديه، وأنشأ يقول:

الا من مبلغ المختار انا ... نزونا نزوه كانت علينا

خرجنا لا نرى الاشراك دينا ... وكان خروجنا بطرا وحينا [١]

ثم قال للمختار: ايها الأمير، لو انكم أنتم الذين قاتلتمونا لم تطمعوا فينا.

فقال له المختار: فمن قاتلكم؟

قال سراقه: قاتلنا قوم بيض الوجوه على خيل شهب.

قال له المختار: تلك الملائكة، ويلك، اما إذ رايتهم فقد وهبتك لهم.

ثم خلى سبيله، فهرب، فلحق بالبصرة، وأنشأ يقول:

الا ابلغ أبا اسحق انى ... رايت الشهب كمتا مصمتات [٢]

ارى عيني ما لم ترأياه ... كلانا عالم بالترهات

كفرت بدينكم وبرئت منكم ... ومن قتلاكم حتى الممات

وهرب أسماء بن خارجه الفزارى، وكان شيخ اهل الكوفه وسيدهم من المختار خوفا على نفسه، فنزل على ماء لبنى اسد يسمى ذروه: في نفر من مواليه واهل بيته فأقام به.

وهرب عمرو بن الحجاج، وكان من رؤساء قتله الحسين، يريد البصره، فخاف الشماتة فعدل الى سراف.

فقال له اهل الماء: ارحل عنا، فانا لأنا من المختار، فارتجل عنهم، فتلاوموا، وقالوا: قد أسأنا.

فركبت جماعه منهم في طلبه ليردوه، فلما رآهم من بعيد ظن انهم من اصحاب


[١] الحين: الهلاك.
[٢] الكمته: لون بين السواد والحمرة.

<<  <   >  >>