فلما اشتد على ابن الزبير واصحابه الحصار، خرجت بنو سهم من بابهم، فقال ابن الزبير:
فرت سلامان، وفرت النمر ... وقد تكون معهم فلا تفر
وجعل اهل الشام يدخلون عليه المسجد، فيشد عليهم، فيخرجهم من المسجد حتى رمى بحجر، فأصاب جبهته، فسقط لوجهه، ثم تحامل، فقام، وهو يقول:
فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
ثم قال لأصحابه: اخرجوا الى من بالباب، واحملوا، ولا يلهينكم طلبى، والسؤال عنى، فانى في الرعيل الاول.
فخرج، وخرجوا معه، فقاتل قتالا شديدا حتى قتل عامه من كانوا معه، واحدقوا به من كل جانب، فضربوه بأسيافهم حتى قتلوه.
فامر به الحجاج، فصلب.
فمر به عبد الله بن عمر، فقال:
رحمك الله أبا بكر، اما والله لقد كنت صواما قواما، غير انك رفعت الدنيا فوق قدرها، وليست لذلك باهل، وان أمه أنت شرها لامه صدق.
وكان مقتل ابن الزبير يوم الثلاثاء لسبع عشره ليله خلت من جمادى الآخرة، سنه ثلاث وسبعين [١] .
ولما قتل عبد الله بن الزبير خرج اخوه عروه بن الزبير هاربا من الحجاج حتى اتى الشام، فاستجار بعبد الملك بن مروان، فاجاره، واظهر إكرامه، واقام عنده.
فكتب الحجاج الى عبد الملك به ان اموال عبد الله بن الزبير عند أخيه عروه، فرده الى لاستخرجها منه.
فقال عبد الملك لبعض احراسه:
انطلق بعروة الى الحجاج.
[١] سنه ٦٩٢ م
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute