للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حين تهتكت ستورك، وتحيرت امورك، فأصبحت حيران تائها، لهفان لا تعرف حقا، ولا تلائم صدقا، ولا ترتق فتقا، ولا تفتق رتقا، وطالما تطاولت فيما تناولت، فصرت في الغى مذبذبا، وعلى الشراره مركبا، فتدبر امرك، وقس شبرك بفترك [١] ، فإنك مراق عراق [٢] ، ومعك عصابه فساق، جعلوك مثالهم، كحذوهم نعالهم، فاستعد للابطال بالسيوف والعوال [٣] ، فستذوق وبال امرك، ويرجع عليك غيك، والسلام.

فلما قرأ الحجاج الكتاب عرف الفاظ ابن القرية، وعلم انه من املائه.

فكتب الى عبد الرحمن في جوابه.

بسم الله الرحمن الرحيم، من الحجاج بن يوسف الى عبد الرحمن بن الاشعث، سلام على اهل التورع لا التبدع، فانى احمد الله الذى حيرك بعد البصيره، فمرقت عن الطاعة، وخرجت عن الجماعه، فعسكرت في الكفر، وذهلت عن الشكر، فلا تحمد الله في سراء، ولا تصبر لأمره في ضراء، قد أتاني كتابك بلفظات فاجر، فاسق غادر، وسيمكن الله منه، ويهتك ستوره، اما بعد فهلم الى فعل وفعال، ومعانقه الابطال بالبيض والعوال، فان ذلك احرى بك من قيل وقال، وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى، وخشي الله، واتقى.

وان عبد الملك وجه الى الحجاج عشره آلاف رجل من فرسان اهل الشام لمحاربه عبد الرحمن بن محمد.

فلما قدموا عليه تجهز، وسار نحو عبد الرحمن، فالتقوا بالاهواز، فاقتتلوا، فانهزم عبد الرحمن، ومضى على وجهه، فمر على رجل من اصحابه مسلوب حاف، يمشى ويعثر.


[١] الشبر: ما بين اعلى الابهام واعلى الخنصر، والفتر بالكسر ما بين طرف الابهام وطرف المشيره.
[٢] المرق: اكثار مرقه القدر والعرق العظم بلحمه.
[٣] الرماح.

<<  <   >  >>