ثم وجه ميسره العبدى، ومحمد بن خنيس الى ارض العراق، ووجه أبا عكرمه، وحيان العطار الى خراسان، وعلى خراسان يومئذ سعيد بن عبد العزيز بن الحكم ابن ابى العاص.
فجعلا يسيران في ارض خراسان من كوره الى اخرى، فيدعوان الناس الى بيعه محمد بن على، ويزهدانهم في سلطان بنى اميه لخبث سيرتهم، وعظيم جورهم، فاستجاب لهما بخراسان اناس كثير، وفشا بعض امرهم وعلن.
فبلغ امرهما سعيدا، فأرسل اليهم، فاتى بهم، فقال:
من أنتم؟
قالوا: نحن قوم تجار.
قال: فما هذا الذى يذكر عنكم؟
قالوا: وما هو؟
قال: أخبرنا انكم جئتم دعاه لبنى العباس.
قالوا: ايها الأمير، لنا في أنفسنا وتجارتنا شغل عن مثل هذا.
فأطلقهما.
فخرجا من عنده، يدوران كور خراسان ورساتيقها في عداد التجار، فيدعوان الناس الى الامام محمد بن على، فمكثا بذلك عامين.
ثم قدما على الامام محمد بن على بأرض الشام، فأخبراه انهما قد غرسا بخراسان غرسا يرجوان ان يثمر في أوانه، والفياه قد ولد له ابو العباس ابنه.
فامر باخراجه اليهم، وقال: هذا صاحبكم.
فقبلوا اطرافه كلها.
وكان مع الجنيد بن عبد الرحمن عامل السند رجل من الشيعة، يسمى بكير ابن ماهان، فانصرف الى موطنه من الكوفه، وقد أصاب بأرض السند مالا كثيرا، فلقيه ميسره العبدى وابن خنيس، واخبراه بامرهما، وسألاه ان يدخل في الأمر معهما، فأجابهما اليه، وقام معهما، وانفق جميع ما استفاد بأرض السند من الأموال بذلك السبب.