فأتاه كتاب ابى مسلم، يأمره ان يوجه أبا عون العكي في ثلاثين الف فارس من ابطال جنوده الى مروان بن محمد بالزابين، فيحاربه، ويسير هو في بقية الجنود الى واسط، فيحارب يزيد بن عمر، ليشغله عن توجيه المدد الى مروان.
ففعل قحطبه ذلك.
وبلغ مروان فصول ابى عون اليه بالجيوش من حلوان فاستقبله، فالتقيا بشهرزور، فاقتتلوا، فانهزم اهل الشام حتى صاروا الى مدينه حران.
قال الهيثم: فحدثني اسماعيل بن عبد الله القسرى، أخو خالد بن عبد الله قال:
دعانى مروان عند وصوله الى حران، وكنت اخص الناس عنده، فقال لي:
يا أبا هاشم وما كنانى قبل ذلك.
فقلت: لبيك يا امير المؤمنين.
قال: ترى ما قد نزل من الأمر، وأنت الموثوق برايه، فما ترى؟.
قلت: وعلا م اجمعت يا امير المؤمنين؟.
قال: اجمعت على ان ارتحل بأهلي، وولدى، وخاصه اهل بيتى، ومن اتبعنى من اصحابى حتى اقطع الدرب، واصير الى ملك الروم، فاستوثق منه بالأمان، ولا يزال يأتيني الخائف من اهل بيتى وجنودي حتى يكثف امرى، واصيب قوه على محاربه عدوى.
قال اسماعيل: وذلك، والله، كان الرأي له عندي، غير انى ذكرت سوء اثره في قومى، ومعاداته إياهم، وتحامله عليهم، فصرفت الرأي عنه.
وقلت له: يا امير المؤمنين، اعيذك بالله، ان تحكم اهل الشرك في نفسك وحرمك، لان الروم لا وفاء لهم.
قال: فما الرأي عندك؟
قلت: الرأي ان تقطع الفرات، وتستقرى مدن الشام، مدينه مدينه، فان لك بكل مدينه صنائع ونصحاء، وتضمهم جميعا إليك، وتسير حتى تنزل ببلاد مصر، فهى اكثر اهل الارض مالا، وخيلا، ورجالا، فتجعل الشام امامك،