وقال: يا طارق، انى قد اخترتك لحراسة هذه المدينة على جميع أصحابك من خاصتنا، فكن كنحو ثقتي بك.
ولما طال على ابن هبيرة الحصار بعث الى المنصور يسأله الامان، فأرسل اليه:
ان اردت ان أومنك على حكم امير المؤمنين ابى العباس فعلت.
فشاور ابن هبيرة نصحاءه، فأشاروا عليه ان يفعل.
فأرسل الى ابى جعفر يعلمه: انى راض بذلك.
فكتب اليه ابو جعفر ذلك بخطه، واشهد على نفسه بذلك القواد.
فخرج ابن هبيرة الى ابى جعفر في نفر من بطانته، فدخل عليه، وهو في سرادقه، وحول السرادق عشره آلاف نفر من اهل خراسان مستلئمين في السلاح، فامر ابو جعفر بوساده، فجلس عليها قليلا، ثم نهض، ودعى له بدابته، فركب، وانصرف الى منزله، وفتحت أبواب المدينة، ودخل الناس بعضهم في بعض.
قالوا: واحصى ما في الخزائن من الأموال والسلاح، وما بقي من الطعام والعلف الذى كان ابن هبيرة قد ادخر، واعد للحصار، فكان المال ثلاثة آلاف الف درهم، ومن السلاح شيء كثير، وطعام ثلاثين الف رجل، وعلف عشرين الف راس من الدواب سنه.
وان أبا جعفر كتب الى ابى العباس يخبره بخروج ابن هبيرة على حكمه، ويسأله ان يعلمه الذى يرى فيه.
فكتب ابو العباس: لا حكم لابن هبيرة عندي الا السيف.
فلما انتهى الكتاب بذلك الى ابى جعفر كتمه عن جميع الناس.
وقال لحاجبه: مر ابن هبيرة إذا ركب إلينا الا يركب الا في غلام واحد، ويدع عنه هذه الجماعات.
فلما كان من غد ركب ابن هبيرة الى ابى جعفر في موكب عظيم.