فذكروا حاجه امير المؤمنين الامين اليه، وما يرجو في قربه من بسط المملكة، والقوه على العدو، فابلغوا في مقالتهم.
وامر المأمون بانزالهم واكرامهم.
ولما جن عليه الليل بعث الى الفضل بن سهل، وكان اخص وزرائه عنده، واوثقهم في نفسه، وقد كان جرب منه وثاقه راى وفضل حزم، فلما أتاه خلا به، واقراه كتاب محمد، واخبره بما تكلم به الوفد من امر التحضيض على المسير الى أخيه ومعاونته على امره.
قال الفضل: ما يريد بك خيرا، وما ارى لك الا الامتناع عليه.
قال المأمون: فكيف يمكنني الامتناع عليه، والرجال والأموال معه، والناس مع المال؟
قال الفضل: أجلني ليلتي هذه لآتيك غدا بما ارى.
قال له المأمون: امض في حفظ الله.
فانصرف الفضل بن سهل الى منزله، وكان منجما، فنظر ليلته كلها في حسابه ونجومه، وكان بها ماهرا.
فلما اصبح غدا على المأمون، فاخبره انه يظهر على محمد ويغلبه، ويستولى على الأمر.
فلما قال له ذلك، بعث الى الوفد، فاحسن صلاتهم وجوائزهم، وسألهم ان يحسنوا امره عند الامين، ويبسطوا من عذره.
وكتب معهم اليه:
اما بعد، فان الامام الرشيد ولانى هذه الارض على حين كلب من عدوها، ووهى من سدها، وضعف من جنودها، ومتى اخللت بها، او زلت عنها لم آمن انتقاض الأمور فيها، وغلبه اعدائها عليها، بما يصل ضرره الى امير المؤمنين حيث هو، فراى امير المؤمنين في ان لا ينقض ما أبرمه الامام الرشيد.
وسار القوم بالكتاب حتى وافوا به الامين، وأوصلوا الكتاب اليه.