وتكلم عيسى بْن جعفر بْن أبي جعفر، فقال: ان الاكثار على الأمير- ايده الله- في القول خرق، والاقتصاد في تعريفه ما يجب من حق أمير المؤمنين تقصير، وقد غاب الأمير أكرمه الله عن أمير المؤمنين، ولم يستغن عن قربه، ومن شهد غيره من اهل بيته فلا يجد عنده غناء، ولا يجد منه خلفا ولا عوضا، والأمير أولى من بر أخاه، وأطاع إمامه، فليعمل الأمير فيما كتب به إليه أمير المؤمنين، بما هو أرضى وأقرب من موافقة أمير المؤمنين ومحبته، فإن القدوم عليه فضل وحظ عظيم، والإبطاء عنه وكف في الدين، وضرر ومكروه على المسلمين.
وتكلم محمد بْن عيسى بْن نهيك، فقال: أيها الأمير، إنا لا نزيدك بالإكثار والتطويل فيما أنت عليه من المعرفة بحق امير المؤمنين، ولا نشحذ نيتك بالأساطير والخطب فيما يلزمك من النظر والعناية بأمور المسلمين وقد أعوز أمير المؤمنين الكفاة والنصحاء بحضرته، وتناولك فزعا إليك في المعونة والتقوية له على أمره، فإن تجب امير المؤمنين فيما دعاك فنعمه عظيمه تتلافى بها رعيتك وأهل بيتك، وإن تقعد يغن الله أمير المؤمنين عنك، ولن يضعه ذلك مما هو عليه من البر بك والاعتماد على طاعتك ونصيحتك.
وتكلم صاحب المصلى، فقال: أيها الأمير، إن الخلافة ثقيلة والأعوان قليل، ومن يكيد هذه الدولة وينطوي على غشها والمعاندة لأوليائها من أهل الخلاف والمعصية كثير، وأنت أخو أمير المؤمنين وشقيقه، وصلاح الأمور وفسادها راجع عليك وعليه، إذ أنت ولي عهده، والمشارك في سلطانه وولايته، وقد تناولك أمير المؤمنين بكتابه، ووثق بمعاونتك على ما استعانك عليه من أموره، وفي إجابتك إياه إلى القدوم عليه صلاح عظيم في الخلافة، وأنس وسكون لأهل الملة والذمة وفق الله الأمير في أموره، وقضى له بالذي هو أحب إليه وأنفع له! فحمد الله المأمون وأثنى عليه، ثم قَالَ: قد عرفتموني من حق أمير المؤمنين أكرمه الله ما لا أنكره، ودعوتموني من الموازرة والمعونة إلى ما أوثره ولا أدفعه، وأنا لطاعة أمير المؤمنين مقدم، وعلى المسارعة إلى ما سره ووافقه حريص، وفي