المسلمين نفعه، ويصل إلى عامتهم صلاحه وفضله وعلم أمير المؤمنين أن مكانك بالقرب منه أسد للثغور، وأصلح للجنود، وآكد للفيء، وأرد على العامة من مقامك ببلاد خراسان منقطعا عن أهل بيتك، متغيبا عن أمير المؤمنين وما يجب الاستمتاع به من رأيك وتدبيرك وقد رأى أمير المؤمنين أن يولي موسى بن أمير المؤمنين فيما يقلده من خلافتك ما يحدث إليه من أمرك ونهيك فاقدم على أمير المؤمنين على بركة الله وعونه، بأبسط أمل وأفسح رجاء وأحمد عاقبة، وأنفذ بصيرة، فإنك أولى من استعان به أمير المؤمنين على أموره، واحتمل عنه النصب فيما فيه من صلاح اهل ملته وذمته والسلام ودفع الكتاب إلى العباس بْن موسى بْن عيسى بْن موسى بْن محمد بْن علي، وإلى عيسى بْن جعفر بْن أبي جعفر، وإلى محمد بْن عيسى بْن نهيك، وإلى صالح صاحب المصلى، وأمرهم أن يتوجهوا به الى عبد الله المأمون، والا يدعوا وجها من اللين والرفق إلا بلغوه، وسهلوا الأمر عليه فيه، وحمل بعضهم الأموال والألطاف والهدايا، وذلك في سنة أربع وتسعين ومائة فتوجهوا بكتابه، فلما وصلوا إلى عبد الله، أذن لهم، فدفعوا إليه كتاب محمد، وما كان بعث به معهم من الأموال والالطاف والهدايا ثم تكلم العباس بْن موسى بْن عيسى، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
أَيُّهَا الأمير، إن أخاك قد تحمل من الخلافة ثقلا عظيما، ومن النظر في أمور الناس عبئا جليلا، وقد صدقت نيته في الخير، فأعوزه الوزراء والأعوان والكفاه في العدل، وقليل ما يأنس بأهل بيته، وأنت أخوه وشقيقه، وقد فزع إليك في أموره، واملك للموازره والمكانفه، ولسنا نستبطئك في بره اتهاما لنصرك له، ولا نحضك على طاعة تخوفا لخلافك عليه، وفي قدومك عليه أنس عظيم، وصلاح لدولته وسلطانه، فأجب أيها الأمير دعوة أخيك وآثر طاعته، وأعنه على ما استعانك عليه في أمره، فإن في ذلك قضاء الحق، وصلة الرحم، وصلاح الدولة، وعز الخلافة عزم الله للأمير على الرشد في أموره، وجعل له الخيرة والصلاح في عواقب رأيه