للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هؤلاء شعراء جاهليون١؛ بينما يذهب فريق إلى الاحتجاج بكلام الشافعي المتوفى في القرن الثالث للهجرة، حتى نص الإمام أحمد بن حنبل على أن "كلام الشافعي في اللغة حجة"٢ لسلامة نشأته, وتقلبه في البيئات العربية السليمة. قيل لبشار: "ليس لأحد من شعراء العرب شعر إلا وقد قال فيه شيئا استنكرته العرب من ألفاظهم وشك فيه، وإنه ليس في شعرك ما يشك فيه! " قال: "ومن أين يأتيني الخطأ؟ ولدت ههنا ونشأت في حجور ثمانين شيخا من فصحاء بني عقيل ما فيهم أحد يعرف كلمة من الخطأ، وإن دخلت إلى نسائهم فنساؤهم أفصح منهم، وأيفعت فأبديت إلى أن أدركت؛ فمن أين يأتيني الخطأ؟ "٣.

وكلمة بشار هذه دليل قاطع على وجود بيئات في المدن سليمة من اللحن لزمنه في المائة الثانية للهجرة.

ويعجبني كثيرا قول ابن جني في هذا الموضوع في باب "ترك


١ مع هذا لا بد من بعض التسامح, فإن التدقيق والتقصي لا يسلم عليهما كثير من كلام المحتج بهم: هذا الكميت والطرماح روي أنهما كانا يسألان العجاج عن الغريب ثم يراه في شعرهما موضوعا في غير مواضعه، فقيل له: "ولم ذاك؟ " قال: "لأنهما قرويان يصفان ما لم يريا, فيضعانه في غير موضعه وأنا بدوي أصف ما رأيت فأضعه في مواضعه" الأغاني ٢/ ١٧ بل إن الأصمعي كان يقول في الكميت: "جرمقاني من جراميق "عجم" الشام لا يحتج بشعره" وينكر مواضع من شعر الطرماح ويلحن ذا الرمة, انظر الوساطة للقاضي الجرجاني ص٩. بل ذهب الجرجاني في باب "أغاليط الشعراء ص٤ من الوساطة" إلى أنه لا توجد قصيدة واحدة من كل تلك الدواوين الجاهلية والإسلامية "تسلم من بيت أو أكثر لا يمكن لعائب القدح فيه" ا. هـ. وما أشبه هذا بالحق.
٢ الاقتراح ص٢٤.
٣ الأغاني ٣/ ٢٦ طبعة الساسي.

<<  <   >  >>