جَمِيع مَا قَالَه على الْحَقِيقَة وَإِن كَانَ الْمُنَادِي لَيْسَ فِيهِ شَيْء من هَذِه الْأَوْصَاف فَلَا يقبلهَا الرَّائِي وَقَالَ بَعضهم: من سمع نِدَاء وَعرف الْمُنَادِي وَكَانَ فِي الرُّؤْيَا مَا يدل على الْخَيْر وَعرف مَا قَالَه الْمُنَادِي من خير أَو شَرّ فَإِن كَانَ الْمُنَادِي مِمَّن يقبل قَوْله فِي الْيَقَظَة فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِن لم يكن مَقْبُولًا فِي الْيَقَظَة فَلَا تَعْبِير فِي قَوْله وَأما الْمُنَادِي الَّذِي يُنَادي على شَيْء يُبَاع فَإِنَّهُ يدل على الْكَذِب والشيطنة لقَوْل بعض الْمُتَقَدِّمين: مَا أَرَادَ أَن يعذب شَيْطَانا فليعذب دلالا وَمعنى الدَّلال الْمُنَادِي. وَأما الأنين فَلَا خير فِيهِ لما فِيهِ من الضعْف (وَقَالَ ابْن سِيرِين) : من رأى أَنه يثن فَإِنَّهُ يدل على قَضَاء حَاجَة وَحُصُول ظفر وَأما العناق فَفِيهِ وَجْهَان (وَمن رأى) أَنه يعانق أحدا وَجعل يَده محاطة بِهِ فَإِنَّهُ ظفر وَإِن احتاط المعانق بِهِ فَلَيْسَ ذَلِك بمحمود (وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ) : المعانقة مُخَالطَة ومحبة وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَمن رأى أَنه عانق أحدا سَوَاء كَانَ حَيا أَو مَيتا فَإِنَّهُ يدل على طول حَيَاته وَقَالَ بعض المعبرين: وَرُبمَا دلّ العناق على الصُّلْح أَو قدوم غَائِب وَأما الْوَدَاع فَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: من رأى كَأَنَّهُ يودع امْرَأَته فَإِنَّهُ يطلقهَا (وَمن رأى) أَنه يودع أحدا فَإِنَّهُ يُفَارِقهُ إِمَّا بِمَوْت أَو بحياة أَو بِفَاحِشَة وَرُبمَا كَانَ الْمَوْت للْمُودع (وَقَالَ الْكرْمَانِي) : وَإِن رأى أَنه يودع قوما أَو يَدعُونَهُ للفراق فَإِنَّهُ يتَحَوَّل عَن حَالَته الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا ثمَّ لَا يعود لمثلهَا وَرُبمَا كَانَ لذَلِك فِي ارْتِفَاع عَنْهُم قَالَ السالمي: من رأى أَنه يودع أحدا فَإِنَّهُ جيد لِأَنَّهُ يؤول على خَمْسَة اوجه: مُرَاجعَة الْمُطلقَة وَمُصَالَحَة الشَّرِيك لأمر فِيهِ نتيجة وَربح المتجر واعادة الْولَايَة إِلَى صَاحبهَا وشفاء الْمَرِيض وَذَلِكَ أَنه من الْوَدَاع وَأنْشد بَعضهم شعرًا:
(إِذا رَأَيْت الْوَدَاع فَاخْرُج ... وَلَا يهمنك البعاد)
(وانتظر الْعود عَن قريب ... فَإِن قلب الْوَدَاع عَادوا)
وَأما التواري فَإِنَّهُ يدل على أَنه يُولد لَهُ بنت لقَوْله تَعَالَى: {يتَوَارَى من الْقَوْم من سوء مَا بشر بِهِ} وَقيل من يفر من خوف أحد وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: من رأى أَنه توارى فِي بَيت فَإِنَّهُ فرار من أحد لقَوْله تَعَالَى: {ان بُيُوتنَا عَورَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَة ان يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} واما الاستخفاء والظهور للنَّاس فَإِنَّهُ يؤول على أوجه (وَقَالَ الْكرْمَانِي) : من رأى أَنه هارب وَلَا يدْرِي مِمَّن يهرب فَإِنَّهُ يرْزق تَوْبَة لقَوْله تَعَالَى: {فَفرُّوا إِلَى الله إِنِّي لكم مِنْهُ نَذِير مُبين} وَإِن عرف الْأَمر الَّذِي يهرب مِنْهُ فَإِنَّهُ يَأْمَن خوف لقَوْله تَعَالَى: {ففررت مِنْكُم لما خفتكم فوهب لي رَبِّي حكما} وكل مَا يهرب الْإِنْسَان مِنْهُ مِمَّا لَا يعاين طلبه فَهُوَ ظفر للمطلوب (وَمن رأى) أَنه يستخفي من النَّاس وَلَا يستخفي من الله فَإِنَّهُ يبارز الله بِالْمَعَاصِي لقَوْله تَعَالَى: {يستخفون من النَّاس وَلَا يستخفون من الله} وَقيل رُؤْيا لفرارهم وحزن (وَقَالَ ابْن سِيرِين) : من رأى أَنه يهرب من أحد أَو من حَيَوَان معطب فَإِنَّهُ يدل على أَمَان من الْخَوْف وَحُصُول الظفر وَقَالَ بعض المعبرين: رُبمَا يكون الْفِرَار امتناعا عَن أَمر لقَوْله تَعَالَى: {قَالَ رب إِنِّي دَعَوْت قومِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلم يزدهم إِلَّا فِرَارًا} وَأم الكنس فَإِنَّهُ يدل على نُقْصَان مَاله وَضعف الْمَعيشَة (وَقَالَ ابْن سِيرِين) : من رأى أَنه كنس بَيته فَإِنَّهُ يدل على نُقْصَان مَاله والمكنسة تدل على الْخَادِم فَمَا كَانَ فِيهَا من زين أَو شين فَإِنَّهُ يؤول بهَا وَقَالَ الْكرْمَانِي من رأى أَنه كنس مَكَانَهُ وَكَانَ عِنْده مَرِيض فَإِنَّهُ يدل على مَوته وَإِن رأى أَنه كنس مَكَانا لأجل التَّعَبُّد فَإِنَّهُ صَالح وَقَالَ بعض المعبرين: من رأى انه يكنس مَكَانا وَيجمع كناسته فَإِنَّهُ يؤول بالنظافة وَجمع المَال وَرُبمَا دلّت رُؤْيا كنس الْمَسْجِد على محبَّة الله لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أحب الله عبدا جعله خَادِم مَسْجِد الحَدِيث وَأما الْعَبَث فَإِنَّهُ يدل على قلَّة الْعقل قَالَ بعض المعبرين: من رأى أَنه يعبث بِشَيْء من أَعْضَائِهِ فَإِنَّهُ يفعل أمرا يُنكر عَلَيْهِ فعله عِنْد أَرْبَاب الْعُقُول. وَأما الْخَوْف فَإِنَّهُ أَمَانَة لقَوْله تَعَالَى: {وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} وَقَالَ ابْن سِيرِين: رُؤْيا الْخَوْف تدل على النُّصْرَة لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام نصرت بِالرُّعْبِ: (وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ) : الْخَوْف يدل على ارْتِكَاب إِثْم واكتساب مظالم لمن لَيْسَ عِنْده تقوى وَقَالَ بعض المعبرين: أحب رُؤْيَة الْخَوْف فِي الْمَنَام فَإِنِّي جربت مرَارًا عديدة فَلم أر عقباه إِلَّا الْخَيْر والأمن والسلامة وَالظفر وبلوغ الْمَقَاصِد والنصرة وَقَالَ أَيْضا وَقَالَ أَيْضا: الْخَوْف نجاة من الْقَوْم الظَّالِمين لقَوْله تَعَالَى: {فَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب قَالَ رَبِّي نجني من الْقَوْم الظَّالِمين} وَاسْتدلَّ على السَّلامَة بِالْمثلِ السائر بَين النَّاس من خَافَ سلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute