للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِن كَانَ الِاسْم مَنْسُوبا إِلَى الله تَعَالَى بالعبودية كَعبد الله وَمَا أشبهه فَإِنَّهُ من عناية الله وَنَصره وَإِن كَانَ على مُسَمّى تقدم كمحمد وَيُونُس وَمَا أشبه ذَلِك فيؤول على وَجهه فَإِن كَانَ من أهل الدّين وَالصَّلَاح فبشارة وَخير وَإِن كَانَ من أهل الْفساد وَالْمَعْصِيَة فَيدل على وَعِيد واستهزاء وَإِن نُودي بِبَعْض أَسمَاء الأسقاط من البدو والجهلة كجربوع وصميدة وفهيد وَمَا أشبه ذَلِك فَإِنَّهُ يدل على الْجَهْل وَكَثْرَة الْفساد وَإِن نُودي بِمَا يُسمى بِهِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى كعربان وحنا وشميلة وَمَا أشبه ذَلِك فيخاف عَلَيْهِ من سوء الْحَيَاة وَالْمَمَات هَذَا إِذا كَانَ الْقَائِل مِمَّن يقبل قَوْله فِي الْيَقَظَة وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يقبل قَوْله فَلَا يعْتَبر قَوْله وَأما تَزْكِيَة الْمَرْء نَفسه فَإِنَّهَا تدل على اكْتِسَاب ماثم وَهُوَ لَا يصدق لقَوْله تَعَالَى: {فَلَا تزكوا أَنفسكُم هُوَ أعلم بِمن اتَّقى} فَمن رأى كَأَن شَابًّا حسنا يُزَكِّيه فَإِنَّهَا مذمة عَدو وَإِن زَكَّاهُ شيخ فَإِنَّهُ يُصِيب ذكرا حسنا وَإِن كَانَ الشَّيْخ مَجْهُولا ينَال بِسَبَبِهِ رياسة وَأما تَزْكِيَة الكهل ففقر (وَمن رأى) أَنه يُزكي أحدا مَعْرُوفا فتعبيره الهيئتان كَمَا تقدم. وَأما الثبور فَلَا خير فِيهِ لِأَنَّهُ مَذْمُوم فِي الْقُرْآن لقَوْله عز وَجل إِخْبَارًا عَن الْكَافرين {لَا تدعوا الْيَوْم ثبوراً وَاحِدًا وَادعوا ثبوراً كثيرا} وَأما التهاون فَلَا خير فِيهِ فِي جَمِيع الْأَحْوَال لقَوْل الشَّاعِر:

(وَمن تهاون فِي مصَالح نَفسه ... عتبتء عَلَيْهِ ثعالب وفهود)

وَأما التهاون بالكفار فمحمود والتهاون بِالْمُؤمنِ مَذْمُوم فَمن رأى أَن أحدا تهاون بِهِ فَإِنَّهُ يظْهر عَلَيْهِ وَأما الثَّنَاء فعلى وَجْهَيْن: ان كَانَ من صديق فَهُوَ مَحْمُود وَرُبمَا يحصل من قبله خير وَإِن كَانَ من عَدو فَهُوَ استهزاء بِهِ وَرُبمَا تنْقَلب الْعَدَاوَة مَوَدَّة وَأما التَّنَاوُل فَإِن كَانَ من غَيره لَهُ وَكَانَ الْمَدْفُوع لَهُ حسنا فَهُوَ خير ونعمة وَإِن كَانَ مذموما تأباه النَّفس فضده وَإِن ناول هُوَ شَيْئا لغيره فنظير ذَلِك وَأما الحراسة فأمان وثناء حسن فَمن رأى أحدا يَحْرُسهُ فَإِنَّهُ يَأْمَن وَإِن حرس أحدا فَإِنَّهُ يرْزق الْجِهَاد وَقيل الحارس والمحروس يَكُونَا آمِنين من شَرّ الشَّيْطَان وكيده وَأما الْحلف إِذا كَانَ صَدُوقًا فِيهِ فَإِنَّهُ ظفر وَقَول حق وَرُبمَا كَانَ زِيَادَة فِي الْعِبَادَة والمحبة لله تَعَالَى وَإِن كَانَ كذوبا فَيدل على الخذلان والذلة وَقيل مَعْصِيّة وفقر لقَوْله تَعَالَى: {ويحلفون على الْكَذِب وهم يعلمُونَ أعد الله لَهُم عذَابا شَدِيدا} وَأما الشّغل فَإِنَّهُ يدل على النِّكَاح وَرُبمَا كَانَ تزوج بكر لقَوْله تَعَالَى: {إِن أَصْحَاب الْجنَّة الْيَوْم فِي شغل فاكهون} قيل افتضاض الابكار وَأما السُّؤَال فَإِنَّهُ يدل على التَّوَاضُع وَالِاجْتِهَاد فِي طلب الْعلم وَقَالَ آخَرُونَ: ان كَانَ الْأَمر من أُمُور الدّين فمحمود وَإِن كَانَ للدنيا فَلَيْسَ بمحمود وَأما الطّلب فَمن رأى أَنه يطْلب شَيْئا ويجد فِي طلبه فَإِنَّهُ ينَال مناه كَمَا قيل من حث فِي طلب شَيْء ناله أَو بعضه. وَأما الشَّفَاعَة فَهِيَ زِيَادَة الْمُرُوءَة فَمن رأى أَنه يشفع فِي انسان فَإِنَّهُ يدل على عز ومروءة وارتفاع مرتبته وَحُصُول أجر وثواب وَإِن أحدا يشفع فِيهِ فاما ان يكون مذنبا أَو مَظْلُوما وَأما الْعُلُوّ فيؤول على وَجْهَيْن: إِن كَانَ من أهل التَّقْوَى وَالْخَيْر فَإِنَّهُ جيد فِي حَقه وَإِن كَانَ من أهل الْفسق وَالْفساد فَإِنَّهُ ان علا وارتفع على أحد فَإِنَّهُ يدل على أَنه يَعْلُو فِي الدُّنْيَا ثمَّ يهان ويذل لقَوْله تَعَالَى إِخْبَارًا عَن فِرْعَوْن: {إِن فِرْعَوْن علا فِي الأَرْض} وَإِن رأى مَعَ ذَلِك عظما فَصَارَت جثته أعظم من جثث النَّاس فَإِنَّهُ يدل على مَوته وَأما الْعَفو فمحمود لِأَنَّهُ من أَعمال الْبر والفلاح فَمن رأى أَنه عَفا عَن مذنب ذَنبا يعْمل عملا يغْفر الله لَهُ لقَوْله تَعَالَى: {وليعفوا وليصفحوا أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم وَالله غَفُور رَحِيم} وَقَالَ بعض المعبرين: من رأى أَنه عفى عَن مذنب فَأَجره على الله لقَوْله تَعَالَى: {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} وَأما الْعَمَل النَّاقِص فَيدل على الاياس من الْوُجُود وَوُقُوع الحذر فِي الرُّؤْيَا وَأما العقد فَهُوَ على أَنْوَاع مُتعَدِّدَة فَمن رأى أَن عقدَة فِي قَمِيصه فَإِنَّهُ يدل على عقد التِّجَارَة والعقدة على الْحَبل صِحَة دين وعَلى المنديل اصابه خَادِم وعَلى السَّرَاوِيل تَزْوِيج امْرَأَة وعَلى الْخَيط ابرام أَمر هُوَ فِيهِ من ولَايَة أَو تِجَارَة أَو تَزْوِيج فَإِن رأى عقدَة على شَيْء من هَذِه الْأَشْيَاء من غير أَن يعْقد فَإِنَّهَا تدل على ضيق من قبل السُّلْطَان فَإِن رأى انها انْحَلَّت بِنَفسِهَا فَإِن الله يفرج عَنهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَقَالَ بَعضهم فِي ذَلِك شعرًا:

(إِذا عقد الْقَضَاء عَلَيْك أمرا ... فَلَيْسَ يحله إِلَّا الْقَضَاء)

وَقَالَ بَعضهم: أكره رُؤْيا العقد على شَيْء وَأحب حل الْعقْدَة فَإِن الْعقْدَة من الْهم وحلها من الْفرج لقَوْل بَعضهم:

<<  <   >  >>