الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد النبي الأمين, وعلى آله وأصحابه ومن سار على هديه إلى يوم الدين.
وبعد: فإني أضع بين يديك أيها القارئ الكريم هذا السفر المبارك في طبعته الثانية مزيدة منقحة, راجيا الله سبحانه أن يجعله عملا مباركا مبرورا مشكورا متقبلا عنده.
وكتاب تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب الذي بين يديك, كتاب جليل القدر عظيم الفائدة, أوقفنا فيه مؤلفه الإمام الشهير الحافظ النحرير أبو الفداء عماد الدين ابن كثير على أحاديث مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه. والإمام أبو عمرو بن الحاجب إمام أصولي نحوي نظار, ذاعت كتبه في الأقطار واستفاد منها طلاب العلم وعلماء الأمصار. ويكفي مختصره أهمية أن نافت شروحه على الخمسين شرحا وقام على تخريج أحاديثه خمسة أئمة أعلام ينتمون إلى مدارس فقهية متعددة, مع إمامتهم في الحديث, ومسلكهم العقدي الصحيح.
فلم يمنعهم مانع من الإفادة من كتاب مالكي, وإن كان أحدهم شافعيا أو حنبليا.
وهذه هي طبيعة مدرستنا الإسلامية الحقة لم تعرف للتعصب طريقا، ولا للتحيز مسلكا، ولا للجحود سجية وهديا.
وبهذا الطريق السوي مضت وتمضي عجلة العلم بطلابها النجباء, واردين من المنهل العذب الرائق، ينحون بالأمة نحو المعالي.