للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو عبيد: وإلى هذا القول صارت السنة القائمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإليه انتهى قول العلماء، وإجماعهم في قديم الدهر وحديثه، أن الوصية للوارث منسوخة لا تجوز. وكذلك أجمعوا على أنها جائزة للأقربين معا١, إذا لم يكونوا من أهل الميراث٢.

ثم حكى أبو عبيد قوله في أنه: هل تصح الوصية للأجانب٣؟

ثم قال: ثم اجتمع العلماء على القول بالصحة، وبه نقول؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" ٤ فقد تبين بهذا٥ أن السلف -رضي الله عنهم- لم يجعلوا الآية -أعني قوله: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ٦- كلها منسوخة، وإنما المنسوخ عندهم بعضها.

وهم يطلقون النسخ على التخصيص كثيرا، بخلاف اصطلاحنا اليوم٧.


١ أي: الأقربين غير الوارثين أو المحجوبين من الميراث أو ذوي الأرحام غير الوارثين, فإن لهم الوصية مجتمعين أو متفرقين.
وانظر المحلى ١٠/ ٤٢١.
٢ الناسخ والمنسوخ ل١٦٧ أ.
٣ قال أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ:
ثم اختلفوا في الأجنبيين؛ فقالت طائفة من السلف: لا تجوز لهم الوصية، وخصوا بها الأقارب ... ثم ساق روايات عن السلف ممن يجيز وممن يمنع.
انظر الناسخ والمنسوخ ل١٦٧ ب و١٦٨ أ, وانظر المحلى ١٠/ ٤٢١-٤٣٢.
٤ تقدم تخريجه في الحديث رقم "٢٩٠".
٥ في ف: "من هذا".
٦ إشارة إلى الآية "١٨٠" في سورة البقرة, في قوله تعالى:
{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} .
٧ في الناسخ والمنسوخ ل١٦٨ ب و١٦٩ أ:
قال: وعلى هذا اجتمعت العلماء من أهل الحجاز, وتهامة، والعراق، والشام، ومصر، وغيرهم, منهم: مالك وسفيان والأوزاعي والليث، وجمع أهل الآثار والرأي، وهو القول المعمول به عندنا، أن الوصية جائزة للناس كلهم ما خلا الورثة خاصة، والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز وصية لوارث ... " إلخ. انتهى.

<<  <   >  >>