وبدأ يكتب محاولاته في هذا الفن، فكتب أقصوصتي:"الشيخ جمعة" و"يُحْفَظُ بالبوسطة". ويموت محمد في شرخ شبابه سنة ١٩٢١ فلا تَهْوِي الراية من يده؛ بل يتسلمها منه محمود، ليُتم ما بدأه، ولا يصل إلى سنة ١٩٢٥ حتى تتجمع له مادة من الأقاصيص، تتيح له أن ينشر في الناس في مجموعته الأولى:"الشيخ جمعة وقصص أخرى"، ومجموعته الثانية:"عم متولي وقصص أخرى". ونراه في المجموعة الأولى يتحدث عن الأقصوصة ومكانتها في عالم الأدب كما يتحدث عن المذهب الواقعي وضرورة الأخذ به في التأليف القصصي. ثم ينشر "الشيخ سيد العبيط وأقاصيص أخرى"، ويتحدث في مقدمتها عن القصة في اللغة العربية وعن جهد المويلحي وهيكل وأخيه محمد تيمور مبينًا أنه يعبِّد فيها طريقًا جديدًا بدأه من قبله أخوه، وهو يحاول أن يسير بها في نفس الطريق مستمدًّا من البيئة المصرية بأشخاصها وجوِّها وصورها المختلفة في الريف والمدينة.
ولا تظن أن فن محمود تيمور استوى تمامًا في هذه المجاميع الأولى، فإنه يغلب عليها المبالغة، كما يغلب عليها شيء من النزعة الخيالية التي تركتها في نفسه قراءاته للمنفلوطي ولأدباء المهجر، وإن كنا نلاحظ من طرف آخر أنه ينزع إلى الخير والإصلاح الاجتماعي، فهو يسعى بأقاصيصه التي يكشف بها عن نقائص المجتمع إلى غاية خلقية.
ويتاح له أن ينزل في فرنسا سنتين، يقضيهما فيها وفي سويسرا، فيطلع على الأدب الفرنسي من قريب، ويقبل على قراءة الأدب الروسي عند تورجنيف وتشيخوف وأضرابهما، كما يقبل على قراءة الآداب الغربية المختلفة، وتستوي في نفسه للأقصوصة صورة أدق من الصورة الأولى، وتتببين له معالم الطريق واضحة، ويأخذ في إنتاجه الضخم الذي بلغ إلى اليوم نحو عشرين مجموعة من الأقاصيص والقصص الطويلة.
وأقاصيصه في هذه المجاميع منوعة تنويعًا واسعًا، وهي في أكثرها لوحات لحوادث ومواقف وأحوال اجتماعية ونفسية، ويظهر في كثير منها نزعة تحليلية،