وجانب آخر في غزله لم نتحدث عنه، وهو واضح في أساليبه؛ وذلك أنه يدنو من لغتنا اليومية المألوفة دنوًّا يجعلنا نذكر سلفه البهاء زهير، وما كان يصطنع في شعره من هذا القرب الشديد إلى ألفاظ العامة، واقرأ لصبري هذا المطلع لإحدى مقطوعاته:
أقصر فؤادي فما الذكرى بنافعة ... ولا بشافعة في رد ما كانا
فإنك تراه يتأثر تأثرًا واضحًا بما يشيع على ألسنة المصريين في حياتهم اليومية من قولهم:"لا ينفع ولا يشفع"، وكأنه يريد أن يعبر في غزله عن الروح المصرية بخواصها اللغوية. وكان يُشيع ذلك في جميع أشعاره؛ كقوله في رثاء مصطفى كامل:
أجل أنا من يرضيك خلا موافيا ... ويرضيك في الباكين لو كنت واعيا
فقد استخدم كلمة "واعيا" في القافية كما تستخدمها العامة، فهي ليست بمعناها المعروف في العربية وهو الحافظ؛ وإنما هي بمعنى ملتفت، أو كما نقول في العامية:"واخد بالك". ولا ريب في أن هذا القرب من لغتنا اليومية هو الذي جعل المغنين يقبلون على مقطوعات صبري الغزلية، فيغنونها أدوارًا، كأغنيته المشهورة:
يا آسيَ الحي هل فتشت في كبدي ... وهل تبينت داء في زواياها
أوَّاه من حُرَق أودت بأكثرها ... ولم تزل تتمشى في بقاياها
يا شوقُ رفقًا بأضلاع عصفت بها ... فالقلب يخفق ذُعْرًا في حناياها
وحاول أن يقترب أكثر من ذلك إلى روحنا المصرية، فنظم للمغنين أدوارًا عامية ذاعت على كل لسان، من مثل قوله في بعض أغانيه: