للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اثنين لا أكثر. مثلًا مقابل مَصَّ = مَصْ، وبحذاء حَمَّ = حَمْ، وبإزاء مَسَّ = مَسْ, وهكذا كل المضاعفات التي هي بالحقيقة ثنائيات، والثنائي وارد في كل الساميات، متصفًا بمعنى حقيقي وتام "١.

ومن البراهين الحسية التي أوردها على سلامة هذه النظرة ما ضاعه العلماء من الأفعال المضاعفة والمكررة, مستخرجين عناصره الأولية من أسماء الأصوات، ودعاء الحيوانات، وزجرها، وبعض أسماء الأفعال، فهي جميعًا ثنائية.

فمثلًا: أف: كلمة تكرُّه، بخ: لاستعظام الشيء, صع: اسم صوت يزجر به الجمل عند ترويضه، صه: أمر بالسكوت, مه: أمر بالكف. فمن هذه الثنائيات صيغت أفعالٌ, إما بتحريك الساكن وتشديده، وإما بتكرار الثنائي ذاته وتحريك الآخر، فقيل: أُفَّ، بَخَّ، صَعَّ، صَهْصَهَ، مَهْمَهَ٣.

لذلك أطلق بعض الباحثين العصريين القول بأن: "الذي يتقرّى كلم العربية بإمعان نظر, يجد أن لمعظم موادها أصلًا يرجع إليه كثير من كلماته إن لم نقل كلها, خذ على ذلك مثلًا مادة "فل" وما يثلثها، تجد الجميع يدور حول معنى الشق والفتح, مثل: فلح، فلج، فلع، فلق، فلد، فلى, ومثل ذلك مادة "قط" وما يثلثها, تقول: قطَّ، قطع، قطر، قطف، قطن، وكلها بمعنى الانفصال٣.

وكل حرف زيد على الأصل الثنائي يجري على قانون التطور اللغوي


١ من كلمة الثنائية ألقاها في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ص٨.
٢ الكلمة السابقة ص٨.
٣ مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق ١٣/ ٢٢٠ "بحث طه الراوي", وقارن بأصول النحو ١٢٥ ح١.

<<  <   >  >>