رأينا في أنواع الاشتقاق أن العربية أصابت ثروة لغوية واسعة بما تشعب عن أصولها من فروع، وما تكاثر في موادها من صنوف وألوان، فكان العمل الاشتقاقي حركة حية دائمة تلد للغتنا كل لحظة مولودًا جديدًا، وتلبي للأحياء أدق مطالب التعبير.
لكننا -سواء ألاحظنا قوالب المشتقات أم لم نلاحظها- لا يخفى علينا أن حركة الاشتقاق الدائمة تنشئ لمشتقاتها صيغًا مقدودة على قدها، مرسومة على حدها، لا شيء أكثر شبهًا بها من القوالب التي تصنع على مثالها السبائك الذهبية، ففي العربية إذن ظاهرتان متعاكستان، وهما على تعاكسهما متداخلتان بل متكاملتان: ظاهرة الحركة الاشتقاقية فيما تلده وتحييه، وظاهرة الصياغة القالبية فيما تسبكه وتبنيه.
وكلتا الظاهرتين تعود على العربية بالغنى والثراء، وتهبها القدرة على