لقد أتيح للغة قريش أن تتبوأ المكانة الأولى بين اللهجات العربية الشمالية، فأصبحت هي الفصحى المقصودة عند الإطلاق، وكان على اللغويين القدامى أن يعنوا بها عناية خاصة، ويفضلوا نطقها ورسمها وإعرابها ووضعها واشتقاقها، فلم تحظ اللهجات العربية الباقية منهم إلّا بالقليل من أبحاثهم. فلندع الحديث عن لهجة قريش جانبًا، فقد أشبعها علماؤنا بحثًا، وقد زادها نزول القرآن بها مكانة ومجدًا؛ ولندرس لهجة تميم بين مجموعة اللهجات النجدية الشرقية؛ لنحاول إلقاء بعض الأضواء عليها، وكشف الغموض الذي يكتنف بعض خصائصها ومزاياها.
إن في المصادر القديمة والمعجمات اللغوية ما يشير إلى أن كثيرًا من قواعد اللهجة التميمية أقوى قياسًا من بعض القواعد القرشية، بل فيها ما يكاد الباحث يستنتج منه باطمئنان أن لهجة تميم كانت في كثير من