رأينا العلماء المتقدمين -في الفصل السابق- كيف أحاطوا العربية بشيء يشبه السحر تارةً، ويسمو عنه تارةً أخرى، عندما بحثوا المناسبة الطبيعية، بين حروف العربية ومعانيها في حالتي البساطة والتركيب، وطوري النشأة والتولد, ورأيناهم في التماس الأدلة على هذه المناسبة الطبيعة ربما خلطوا بين صورتي الذاتية والاكتساب, فجعلوا الدلالة المكتسبة المتطورة في قوة الدلالة الذاتية الأصلية، وفاتهم ما بين الدلالتين من فروق دقيقة لا تدرك على حقيقته إلّا بتتبع أصول الألفاظ، وأوائل وضعها، وضروب استعمالها، ومراحل تطورها.
ولقد تكون مباحثهم في أنواع الاشتقاق، وما اكتنفها من الغلوّ