للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما القلب في الخماسي فلَم تعرفه العرب إلّا على ندرة، كما ورد في الشعر خاصة "زبردج" بدلًا من "زبرجد"١.

وفي جميع أنواع القلب التي رأيناها، توشك التقاليب الثنائية أن تستأثر بالنصيب الأكبر من المواد ثلاثية ورباعية، مجردة ومزيدة، وخماسية أيضًا. ففي كلٍّ من الثلاثي والرباعي المضعَّفين لا يتصور عقلًا إلّا تقليبان، وفي الرباعي غير المضاعف قلَّمَا يستعمل في تقاليبه العشرين المحتملة أكثر من تقليبين، أما الثلاثي غير المضعف، فعلى أنه كثيرًا ما يقلب على وجه الستة كما فعل ابن جني، لا تكفي الشواهد التي مثَّل بها عليه للقطع باستعمال وجوهه جميعًا، ولا لاستنباطٍ جامعٍ واحد مشترك بينها لو كتب لها جميعًا أن تستعمل, وما أكثر ما يقلب الاشتقايون مادة ثلاثية على وجوهها العقلية الستة، ثم يستثنون وجهًا واحدًا منها, ويقولون: مهمل أو ممات, وقد يستعيضون عنه بوجه يقاربه بعد إبدال حرف فيه أو أكثر بما يماثله صفة أو مخرجًا، وأقرب مثال يشهد لهذا, ما ذكره ابن جني في تقليب "س م م" من استبدال "ن س م" بـ"ل س م"، والنون أخت اللام كما قال٢.

وربما استثنتوا من الوجوه الستة أكثر من تقليب، فلا يذكر لنا الاشتقاقيون في المادة الثلاثية إلّا أربعة تقاليب مستعملة, وأحيانًا ثلاثة فقط؛ وأكثر صنعيهم على الاكتفاء بتقليبين لم يجر الاستعمال بغيرهما إذا لوحظ وقوعهما على مدلول واحد مشترك, ولا بأس في أن نمثَّل لهذه الحال الأخيرة، لأهميتها وقيمتها الخاصة، بالشواهد التالية:

يقولون: طمس الطريق وطسم: درس، مَحُتَ يومنا وحَمُت: اشتد حره, تَبَلْتُ الشيء وبَلَتُّه: قطعته, شاءني الأمر وشآني: حزنني.


١ الاشتقاق "أمين" ٢٨٧.
٢ راجع ص٢٠٥.

<<  <   >  >>