للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"سبط" والصورة الجديدة التي اتخذتها في "سبطر"، بل أقحمت إقحامًا مقصودًا على طريقة النحت؛ إذ كانت الحرف التعويضي الرامز إلى مادة ثلاثية مختزلة يتصاقب معناها مع "سبط" التي عينها سيبويه.

ولعل هذا الاستنباط يتبين صوابه من مقارنة نص سيبويه السابق بنص آخر لعبقري اللغويين ابن جني عندما قال في مطالع فصله المشهور حول "تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني": "هذا غور من العربية لا يُنتصف منه ولا يكاد يحاط به. وأكثر كلام العرب عليه وإن كان غفلًا مسهوًّا عنه. وهو على أضرب: منها اقتراب الأصلين الثلاثيين: كضياط وضيطار ... ١، ومنها اقتراب الأصليين، ثلاثيا أحدهما ورباعيا صاحبه: كدَمِث ودمثر، وسبِط وسبَطر ... ٢".

فقد صرح في المثل نفسه بتصاقب "السبطر" الرباعي مع "السبط" الثلاثي، ورأى أن أكثر كلام العرب على مثل هذا، وإن كان لم يُعنَ هنا بتقرير ظاهرة النحت عنايته بتقرير ظاهرة التقارب في اللفظ والمعنى. على أننا لو سألناه رأيه في هذه الراء المزيدة على "السبط" لما كان له أن يعدها حشوًا من غير فائدة وهو في طليعة القائلين بالقيمة التعبيرية للحرف العربي، بل الذي نرجحه أنه يعد هذه الراء الحرف الأبرز الأقوى في مادة ثلاثية مختزلة. أما الاختلاف حول تقدير هذه المادة المختزلة التي فيها الراء ليس بذي بال. ولقد رأينا إمام أصحاب النحت ابن فارس يقنع غالبًا، لبيان وقوع النحت، بحرف واحد يعوض المادة كلها ويقوم مقامها.

ولقد كان للنحت أنصار من أئمة اللغة في جميع العصور، وكلما امتد الزمان بالناس ازداد شعورهم بالحاجة إلى التوسع في اللغة عن طريق هذا


١ الضخم الجنبين.
٢ الخصائص ١/ ٥٣٧.

<<  <   >  >>