للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا حاجة إليها على النحو الذي أوضحه بعض الباحثين١.

وخليق بنا هنا أن ندرك أن تيسير العربية لا ينبغي أن يخص به أبناؤها وحدهم، فقد كانت هذه اللغة العالمية وما تزال مطلوبة من غير بنيها، ولعل أقدم محاولة للاتصال بالثقافة العربية ترتد إلى مدرسة المترجمين في طليطلة، وهي المدرسة التي أنشأها ألفونسو العالم "١٢٥٢-١٢٨٤" ثم تعهدها بالرعاية رايموندو المطران، وتيسر لها أن تنقل عن التراث العربي كثيرًا من الفلسفة والمنطق والطب والفلك والرياضيات والطبيعة٢، وما برح الأجانب إلى يومنا هذا يتعلمون اللغة العربية ليفهموا تراثنا وحضارتنا، ولا سيما ما ارتد إلى ماضينا التليد، ولكنا نود بلا ريب أن يتجاوزوا الماضي إلى الحاضر، فيدركوا روح الأمة العربية في واقعها الذي تعيشه اليوم، ومن الراغبين في الاستشراق من يقبل على دراسة العربية بهذا الروح وبهذه الحماسة، غير أنهم بعد أن يقضوا في تحصيلها مراحل طوالًا يشعرون بصعوبة قواعدها وصعوبة كتابتها شعورهم بمنطقيتها وجمال حرفها، فهل علينا -من أجل ذلك- أن ننحي بترثنا اللغوي وبحرفنا الجميل الذي يعد بذاته ضربًا من الفن الرفيع؟

إن الباحثين الأجانب أنفسهم يعلمون أن صورة الحرف العربي مرتبطة


١ انظر مثلًا في اللسان العربي، العدد الخامس، ص٥٨ بحث الأستاذ رشاد دارغوث "هل اللغة العربية صعبة؟ كيف يمكن تفسيرها؟ ". وقد اقترح الأستاذ هنا حذف العلامة المعروفة بالسكون حيثما وجدت، وعدم تحريك الحرف في حال الوقف، وحذف الحركات قبل حروف المد، وحذف الفتحة قبل تاء التأنيث، وأمورًا أخرى تراجع في موضعها، ومعظمها مستساغ ومقبول.
٢ انظر بحث الدكتور الطاهر أحمد مكي، أستاذ الأدب الأندلسي في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، بعنوان "تيسير العربية للأجانب" اللسان العربي، عدد ٥، ص ٦٤.

<<  <   >  >>