وقد كان سبقه إلى إدخال الضيم على العربية, واستعجال المقارنة بينها وبين اللغات الحية، جرجي زيدان في كتابه "الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية" وكان في زيدان عيب أقبح, يتمثل في "سطحية" علمه بهذه الأمور -إن صح هذا التعبير- وفي تطفله على ميدان اللغة، كما كان شأنه في أكثر الميادين، فما من بحث إلّا خاض فيه، ولم يكن في واحد منها من أهليه ...
وكتيّب الأستاذ عبد المجيد عابدين "المدخل إلى دراسة النحو العربي على ضوء اللغات السامية" قد حوى -على إيجازه- آراء مستطرفة سديدة في أصول النحو, التي هي في نظرنا أجدر أن تسمى: أصول اللغة، ولكنها آراء منبثة متفرقة طال انتظارها لليد الرفيقة الأمينة التي تلمّ شعثها وتنسقها, وتستخرج منها أكرم جواهرها.
ويطيب لي -بهذه المناسبة- أن أشيد بكتابٍ قيّمٍ للزميل الكبير الأستاذ سعيد الأفغاني, سماه:"في أصول النحو" ففي مباحثه الدقيقة عن القياس والاحتجاج والاشتقاق التفاتة رشيقة لطيفة أراد بها الزميل الجليل أن يسمو بدرس النحو من الفروع إلى الأصول، وينتقل به من فرض القواعد إلى وصف الحقائق، أو من عمل النحاة في أفقهم الضيق المحدود، إلى عمل اللغويين في أفقهم الرحب الطليق, وليت الأستاذ الأفغاني استكمل دراسة أبواب اللغة كلها بهذا الأسلوب الفذ، إذن لكان كتابه أجدر التصانيف العصرية أن يسمى:"فقه العربية".
ولا يسعنا في هذه "الدراسات" إلّا أن نكبر جهود العاملين الخالدين في تنمية العربية؛ كالشيخ عبد القادر المغربي في "الاشتقاق والتعريب", والأب أنستاس ماري الكرملي في "نشوء العربية ونموها واكتهالها".