للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا قتله"١. وحين روى الصحابي الجليل أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: "إذا قلت لأخيك يوم الجمعة والإمام يخطب: "أنصت" فقد لغيت" بالياء، قال أبو الزناد -من رجال الإسناد في هذا الحديث: "وهذه لغة أبي هريرة، إنما هو لغوت"٢.

وبدا للعلماء في باب المعاقبة -كما بدا لهم في باب الهمز- أن يخضعوا دخول الياء في الواو, أو الواو في الياء, لما سمع عن فصحاء العرب، فإن يعترفوا بجواز اللغتين فقد نبهوا إلى الفصحى فيهما، فأنت تقول: ينمي وينمو, ولكن الفصحى ينمي بالياء٣، وتقول عن الحدقة: حِنْدَيرة وحِنْدَوْرَة، والحنديرة أجود٤، وزعم الكسائي أنه سمع في تثنية الرضا والحمى: رِضَوَان وحِمَوَان، والوجه: رِضْيَان وحِمْيَان٥.

ولم يكن بد من أن يستثنوا في مثل هذا التداخل الصوتي حالات يخصونها بالواو وأخرى بالياء، فيقال: إن بينهما لبونًا في الفضل وبينًا، فأما في البعد فيقال: إن بينهما لبينًا لا غير٦, وتقول: قلوت البر، وبعضهم يقول: قليت، ولا يكون في البغض إلّا قليت، كما رأينا٧, وتقول: قد غلوت في القول فأنا أغلو غلوًّا، وقد غلوت بالسهم لا غير، وقد خلوت به بالواو لا غير، وقد


١ نفسه ٤/ ٢١.
٢ الكفاية ١٨٣. وراجع في كتابنا "علوم الحديث ومصطلحه" "ص٧٩-٨٧٠ " ما ذكرناه عن تحرج الرواة من تغيير اللحن، أو تغيير اللهجة التي تحملوها، حتى بلغ الأمر ببعضهم أن يؤديها كما تحملها بما فيها من لحن الراوي.
٣ المخصص ١٤/ ٢٢٢.
٤ نفسه ١٤/ ٢٥.
٥ نفسه أيضًا ١٤/ ٢٥ أيضًا.
٦ نفسه ١٤/ ٢٠.
٧ نفسه، ١٤/ ٢٣.

<<  <   >  >>