للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستقرون في مكان١.

وبسبب هذا الاشتراك الصوتي الناجم عن الغموض في أداء النغم حقه، جرى على لسان تميم أحيانًا كَتْبَ بدلًا من كَتَبَ، فاستعاضت عن فتح عين الماضي بتسكينها, ومن هذا النوع بلا ريب ما يؤثر عن كثير من بني تميم٢ من تسكين الكلمات الآتية: فَخْذ، كَبْد، في الإفراد، ورُسْل، وخمُرْ، وفُرْش، في الجمع، بينما يتوالى تحقيق المتحركات جميعًا عند الحجازين، فيقولون على التعاقب: فَخِذَ، كَبِدَ، رُسُلُ، خُمُر، فُرُش؛ وهكذا دواليك٣. ولا شك أن هذا التخفيف، عند الآخذين به، ليس بواجب، ولا هو بناء بُنِيَ اللفظ عليه في الأصل، وإنما هو عارض, ولقد نبه إلى هذا سيبويه حين ردَّ مثل: عَلْمَ وكَرْمَ إلى عَلِمَ وكَرُمَ، إذ جعل المتكلم الفعل لنفسه فقال: عَلِمْتُ وكَرُمْتُ٤.

ولا يختلف كثيرًا عما نحن بصدده من الاشتراك الصوتي ما تمتاز به تميم من الإنباع الصوتي في مثل: "ضَحِكَ ضِحِكًا" عوضًا عن "ضَحِكَ ضَحِكًا" فقد أثَّرَ صوت الحاء المكسور -وهو عين هذه الكملة- على الضاد المفتوحة في أولها، فلم تُعَنَّ تميم نفسها في تحقيق صوتين متعاقبين متنافرين، واستسهلت إتباع أولهما ثانيهما بسبب القرب والجوار٥.


١ اقرأ بعناية "اللهجات ص٨٥".
٢ يفهم من "اللسان" أن هذه بالدرجة الأولى لغة بكر بن وائل, على أن تميمًا تشاركها فيها.
٣ انظر في "المخصص ١٤/ ٢٢٠" باب ما يسكن استخفافًا, وهو في الأصل عندهم متحرك.
٤ راجع رأي سيبيويه في "المخصص ١٤/ ٢٢٢", وقارن بالمزهر ٢/ ١٠٩ كيف يرد هذا التخفيف إلى اختلاف اللغات.
٥ ومن ذلك: لئيم، نحيف، رغيف، كلها بكسر الحرف الأول في لغة تميم. "المخصص ١٤/ ٢١٣". وفي القراءات الشاذة صور من الإتباع: "الحمد لله". انظر إعراب القراءات الشاذة العكبري ٤. وانظر في "الزهر ٢/ ٦٦" أمثلة أخرى على الإتباع.

<<  <   >  >>