للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطريقة الفذة عملًا معجزًا في اختصار الطريق والتزود بالماء١، مما تغني به الرجاز، من أمثال أبي أحيحة القرشي، الذي قال في خالد:

لله در خالد أنى اهتذا ... والعين منه قد تغشاها للقذى

معصوبة كأنها ملئت ثرى ... فهو يرى بقلبه ما لا يرى

قلب حفيظ وفؤاد قد وعى٢

وقال أحد الرجاز في نفس المعنى متغنيًا ببراعة دليله رافع الطائي:

لله در رافع أني اهتدى ... فوز من قراقر إلى سوى

خمسًا إذا ما سارها الجبس بكى ... ما سارها من قبله إنس يرى٣

واجتمعت جيوش المسلمين في اليرموك، واستطاع خالد في يوم إمارته أن يدور خلف جيش الروم فحصرهم، ثم شن هجومًا عنيفًا عليهم وعلى حلفائهم الغساسنة، فتهافت معظمهم قتلى في النهر، وكان خالد قد قسم الجيش إلى كراديس، جعل عليها فرسان المسلمين كالقعقاع وعكرمة، واستفتح القعقاع يرتجز، وقد برز للنزال قائلًا:

يا ليتني ألقاك في الطراد ... قبل اعترام الجحفل للوراد

وأنت في حلبتك الوراد٤

وتبعه عكرمة قائلًا:

قد علمت بهكنة الجواري ... أنى على مكرمة أحامي٥

وتظهر أهمية موقعة اليرموك في أنها فتحت الطريق إلى أجزاء الشام كلها، وقررت مصيرها، وتبدو هذه الأهمية في كثرة الشعر والرجز الذي صورها، فقد استنفدت كل الشعر الذي تركته لنا الفتوح في الشام تقريبًا. وأكثر فيها الرجاز بصورة خاصة، فأشادوا


١ الطبري ج٤، ص٢١٠٨.
٢ الإصابة ج٧، ص٤.
٣ ياقوت ج٣، ص١٧٢.
٤ الطبري ج٤، ص٢٠٩٦.
٥ الطبري ج٤، ص٢٠٦٦.

<<  <   >  >>