للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا فليست لها آثار تدل على اشتراكها في الفتوح اشتراكًا واضحًا، وقد هاجرت هذه القبيلة إلى مصر في أعداد كبيرة، جعلت بعض المؤرخين المتقدمين يعتقدون أنه لم يعد لها في الحجاز حتى يطرق١. وظهرت آثار هذه الهجرات الضخمة فوصفوا إقفار ديارهم، وخلوها بعد هجرة ذويهم، كما نجد في شعر البريق بن عياض وأبي صخر والحارث بن أسامة٢.

وعلى الرغم من أن هذه الأشعار وجدت بسبب من الفتوح إلا أنها لا تدل بطبيعة الحال على حوادثها ولا تتعرض لها على الإطلاق.

وهناك قصيدة تروى لأبي العيال الهذلي أحد الذين اشتركوا في الفتوح بمصر والشام يتحدث فيها عن الحرب والحصار، ويوجهها إلى معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح على صورة رسالة. ويذكر أنها كانت على زمن معاوية. ولكننا نعجب لذكر والي مصر في عهد عمر وعثمان في هذه القصيدة التي تسير على هذا النحو:

من أبي العيال أبي هذيل فاعرفوا ... قولي ولا تتجمجموا ما أرسل

أبلغ معاوية بن صخر آية ... يهوي إليه بها البريد المعجل

والمرء عمرًا فائته بصحيفة ... مني يلوح بها الكتاب المنمل

وإلى ابن سعد إن أؤخره فقد ... أزرى بنا في قسمة إذ يعدل

وإلى أولي الأحلام حيث لقيتهم ... حيث البقية والكتاب المنزل

أنا لقينا بعدكم بديارنا ... من جانب الأمراج يومًا يسأل

أمرًا تضيق به الصدور ودونه ... مهج النفوس وليس عنه معدل

في كل معركة يرى منا فتى ... يهوي كعزلاء المزادة يزغل

أو سيد كهل تمور دماؤه ... أو جانح في صدر رمح يسعل


١ ابن خلدون ج٢، ص٣١٩.
٢ انظر ديوان الهذليين ج٢، ص١٩٩، ٢٠٢، ج٣، ص٥٨.

<<  <   >  >>