للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى إذا رجب تخلى وانقضى ... وجماديان وجاء شهر مقبل

شعبان قدرنا لوفق رحيلهم ... سبعا يعد لها الوفاء فتكمل

وتجردت حرب يكون حلابها ... علقا وميريها الغوى المبطل

فاستقبلوا طرف الصعيد إقامة ... طورًا وطورًا رحلة فتنقل

فترى النبال تعير في أقطارنا ... شمسًا كأن نصالهن السنبل

وترى الرماح كأنما هي بيننا ... أشطان بئر يوغلون ونوغل١

وفي رأينا أن القصيدة كانت في محاولة الروم استعادة مصر للمرة الثانية، بحملة مانويل الداخلة في مشروع قسطانز، لاستعادة الإمبراطورية الرومية لمصر والشام، وهذه الحملة كانت في عام ٢٥هـ، في الوقت الذي كان فيه معاوية بن أبي سفيان واليًا للشام، ويعمل بكل قواه لرد طرف الحملة الثاني عن الشام؛ إذ كانت حملة مزدوجة ذات شعبتين. وليست هناك حوادث تاريخية جمعت بين هؤلاء الذين يتوجه إليهم الشاعر برسالته إلا هذه الحادثة، فمعاوية أمير الشام يقضي على حملة مانويل في الشام، وتمنى أمامه بهزيمة فادحة. وعبد الله بن سعد هو أمير مصر، وعمرو بن العاص فاتحها، وأميرها السابق الذي تصدى لهذه الحملة بعد أن أتى به الخليفة وكلفه بها. وقد توغلت حملة مانويل داخل الأراضي المصرية، وكان عددها كبيرًا؛ إذ قدمت في ثلاثمائة سفينة٢، وتقدمت من الإسكندرية التي استسلمت مباشرة إلى حصن بابليون، ووقفت على أطراف الصعيد كما يقول أبو العيال ونهد عمرو إليها في نقيوس، حيث أذاقها الهزيمة، فعادت تتحصن بالإسكندرية وتنصب المجانيق على أسوارها، فسواها عمرو بالتراب. ودخل المدينة في الوقت الذي انتهى منه معاوية من القضاء على شق الحملة في الشام.

والقصيدة في جملتها ليست إلا استصراخًا للأمراء المعنيين بأمر الدفاع عن مصر والشام لرد العدوان الذي تعرضت له، وإجلاء المعتدين الذين أقاموا بالبلاد ما يقرب من أربعة أشهر.


١ وقد لاحظ بعض الدارسين أن القصيدة ليست كاملة، وأن تسلسل الفكرة فيها منعدم. "مصر العربية" "ص٩٢"، وانظر القصيدة في ديوان الهذليين ج٢ ص٢٥٢، والإصابة ج٧ ص١٤٣.
٢ ابن عبد الحكم ص١٥٧.

<<  <   >  >>