للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتجمع الروايات التاريخية على أن أبا ذؤيب الهذلي قد خرج إلى مصر يريد الغزو في إفريقية مع جيش عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة ٢٦هـ١، ولكنها تختلف في أمر بنيه الخمسة، الذي ذكر أنهم لاقوا حتفهم في مصر أو في غيرها، ولكن بعض الروايات تؤكد أنهم هلكوا بالطاعون في مصر٢. وقد رثاهم أبو ذؤيب بقصيدة من عيون الشعر العربي٣، سنتعرض لها فيما بعد.

وقد رأى بعض الدارسين أن أبا ذؤيب قد يكون قال بمصر قصيدته التي يذكر فيها بلاء عبد الله بن الزبير في فتح إفريقية٤، وهذا شيء لا تدل عليه القصيدة، ولكنها تدل في وضوح على ظروفها ومناسبتها وتؤيدها الروايات التاريخية التي عرضت لفتح إفريقية كما سنرى.

وهكذا يشعر الدارس لشعر الفتح الإسلامي في مصر بالأسف ولا يملك إلا أن يتعلل بما يتعلل به غيره من الدارسين، من ضياع شعر القبائل التي نزلت مصر؛ إذ لا يمكننا أن نتصور أن تحدث هذه الفتوح الخطيرة في مصر، وأن تقع الوقائع العنيفة هذه في بابليون، وأم دنين، وعين شمس، والكريون والإسكندرية ولا يكون لها أثر في الشعر، بل من العجيب حقًّا أن يقتتل المسلمون مع الروم في الكريون بضعة عشر يومًا متصلة -حتى يصلي عمرو صلاة الخوف- ولا نجد لذلك أثرًا إلا في إشارة لكثير فيما بعد الفتح بسنوات عديدة حينما قال:

ومرت سراعًا عيرها وكأنها ... دوافع بالكريون ذات قلوع٥

وتروى بعض الروايات أبياتًا قليلة من الرجز، منسوبة إلى عمرو بن العاص، وتذكر أنه قالها في حصار بابليون، يصف فيها المنجنيق على هذا النمط:


١ انظر أغاني دار الكتب ج٦، ص٥٦، الشعر والشعراء ج٢ ص٦٢٥، وفتوح البلدان ص٢٢٦، وابن الأثير ج٣، ص٧٠، الإصابة ج٧، ص٦٣.
٢ الخزانة ج١، ص٢٠٣.
٣ ديوان الهذليين ج١ ص١-٣، الاستيعاب ص٦٦٥، أسد الغابة ج٥، ص١٩٠، الإصابة ج٧، ص٦٤.
٤ مصر العربية ص١٠٤.
٥ ياقوت ج٤، ص٤٧١.

<<  <   >  >>