للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسيفي كان من عهد ابن صد ... تخيره الفتى من قوم عاد

ورمحي العنبري تخال فيه ... سنانا مثل مقباس الزناد

وعجلزة يزل اللبد عنها ... أمر سراتها حلق الجياد

إذا ضربت سمعت لها أزيزا ... كوقع القطر من الأدم الجلاد

إذًا لوجدت خالك غير نكس ... ولا متعلمًا قبل الوجاد

يقلب للأمور شرنبثات ... بأظفار مغارزها حداد١

فكل سلاحه بدن ورمح وفرس عظيمة مطواع، وقد أفنى شبابه على هذه الصورة، حتى قرح الزناد كاهله، وقد تمناه أبي ليقتله، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، ولو لاقاه لعجز عن مواجهته، حتى يأكل الحقد قلبه، وينكشف شحمه عما به من الحقد، وهو لم يصنع شيئًا يستوجب هذا الوعيد، وإنما أراد أن يمن عليه، فهل يكون جزاؤه التهديد بالقتل؟ وهل تدبر أبي أمره وعرف من هو الذي يتوعده ويتهدده؟ إنه فارس ذو درع حصينة واسعة براقة ملساء، تشبه مساميرها حلق الجراد، وسيف عريق ورمح عنبرية ذات أسنة نارية، وفرس قوية مدربة، ولو قابله أبي لما وجده دنيئًا، ولا ساقطًا ولا ضعيفًا، وإنما هو قوي قادر ماهر، لا يعبأ بالملمات. وتروى هذه الأبيات على أنه قالها لأخته، التي عيرته لإبطائه في الثأر لأخيه عبد الله، ولكن الأبيات نفسها لا توحي بهذا، بدليل قوله:

إذًا لوجدت خالك غير نكس ... ولا متعلمًا قبل الوجاد

ويبقى بعد حلم القوم حلمي ... ويفنى قبل زاد القوم زادي

فمن ذا عاذري من ذي سفاه ... يرود بنفسه مني المرادي٢

ويتمتع كل شعره الجاهلي بصفة الصدق، الممتزج بحرارة التعبير المتدفق البعيد عن المغالاة، ويذهب كله بلا استثناء في الاعتزاز بمهارته الحربية، والفخر بشجاعته، ووصف تأهبه للحرب.


١ الأغاني ج١٤، ص٣٢.
٢ الإصابة ج٥/ ٢١.

<<  <   >  >>