للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النخعية معه كذلك١. ويخلو شعره أيضًا من أية دلالات على حياته الخاصة أو عواطفه الشخصية في غير موضوعات الفتوح، وكأنما طرح الشاعر كل ما يمت إلى حياته الشخصية وراء ظهره، حينما استقبل حياة الطعان والجلاد. فإذا بنا لا نجد في شعره شيئًا يكشف لنا عن كنه شخصيته، إلا بما يميزها من الشجاعة والفروسية والفدائية المؤمنة، وتنعكس كل هذه الصفات في افتخاره بنفسه وعشيرته وبجماعة المسلمين.

وهو في هذا يشارك شعراء الفتوح جميعًا؛ إذ لم يعد لهم في حياتهم ما يعبرون عنه في شعرهم إلا ما هو ماثل أمام أعينهم، وما تمتلئ به وجداناتهم من أحداث وانفعالات.

وشعره كما هو واضح شعر بسيط لا غموض فيه ولا تعمل ولا زخرفة، فكل قصد هذا الشعر أن ينفس عما في وجدان صاحبه تنفيسًا بسيطًا، كاستجابة حرة وطليقة للعوامل النفسية التي تتلبس به.

ومن هنا نجد شعره متدفقًا، دون قسر في التعبير، أو تعسف في التصوير، أو جفوة في أفكاره، أو زخرف في ألفاظه؛ ولهذا فهو شعر صادق لا تكلف فيه، حار لا زيف فيه، وهو -أولًا وآخِرًا- صورة نفسية لذات صاحبه وأفكاره، فضلًا عن كونه سجلًّا حافلًا للفتوح التي أسهم فيها، وتاريخًا أدبيًّا لفروسيته.


١ الطبري ج٥، ص٢٣٥٤.

<<  <   >  >>