للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي نفس المعنى يقول عبد الله بن سبرة الجرشي:

إن أقلب الطعن فالطاعون يرصدني ... كيف التقاء على طعن وطاعون١

وكان ركوب البحر حدثًا كبيرًا سجله الشعراء وأشادوا به، وأكدوا في شعرهم أن الله قد ذلَّله لهم وبشروا بما أعده الله لمن يعبر في طاعته. يقول عفيف بن المنذر التميمي وقد غزا مع العلاء بن الحضرمي فارس من البحرين في وقعة طاوس:

ألم ترَ أن الله ذلل بحره ... وأنزل بالكفار إحدى الحلائل

دعونا الذي شق البحار فجاءنا ... بأعظم من فلق البحار الأقائل٢

وأخذ المسلمون يعرفون بعض ألوان المآكل والمشارب الفارسية ويذكرونها في شعرهم؛ إذ إن أبا عبيد بن مسعود الثقفي -شهيد الجسر- بعد أن هزم الفرس في السقاطية بكسكر نزل بقرى باروسما؛ حيث خف إليه الفرس يصالحونه، وصنع له "فروخ" و"فرنداذ" من رؤساء الدهاقين طعامًا قدموه له، ولكنه رفض أن يطعمه دون جنده، فأخبره أنهم يطعمون في نفس الوقت فأكل، ولما عاد إلى جنده سألهم: ماذا كان طعامهم؟ فأخبروه بما جاءهم، فدعاهم ليعرفوا ألوان الطعام التي قدمت إليه. من قرو ونجم وجوزل وشواء وخردل، فقال عاصم بن عمرو التميمي:

إن تك ذا قرو ونجم وجوزل ... فعند أنب فروخ شواء وخردل

وقرو رقاق كالصحائف طويت ... على مزرع فيها بقول وقوزل٣

وكان المسلمون يرون أموال الفرس تنصب في حجورهم من غنائم وأسلاب وجزية تؤدَّى إليهم، فيذكرون ذلك في عزة وفخر. فبعد المدائن حاز المسلمون خزائن كسرى ودروعه وأسيافه، فقال أبو بجيد نافع بن الأسود:

فانتشلنا خزائن المرء كسرى ... يوم ولوا وحاض منا جريضًا٤


١ الإصابة ج٥، ص٦٠.
٢ الإصابة ج٥، ص١٠٩.
٣ الطبري ج٤، ص٢١٧٣.
٤ الطبري ج٥، ص٢٤٢٤.

<<  <   >  >>