للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا سهيل بن عدي يفخر بصيرورة خرج الجزيرة إلى المسلمين بعد وقعة الرقة، فيقول:

وصار الخرج ضاحية إلينا ... بأكناف الجزيرة عن نقالي١

وهذا عمرو بن مالك الزهري ينادي إليه الفرس بقبول الجزية، بعدما ذاقوا مرارة القتال في قرقيسيا:

فنادوا إلينا من بعيد بأننا ... ندين بدين الجزية المتواتر٢

ودارت مثل هذه المعاني في شعر عرب الحيرة، الذين استكثروا على المسلمين أن يسكنوا منازل المناذرة، وأن يمتلكوا الخورنق والسدير، وأن تؤدى إليهم الجزية، بعدما كانت تؤدى إلى كسرى، حتى قال عمرو بن عبد المسيح بن بقيلة أحد زعماء الحيرة:

أبعد المنذرين أرى سواما ... تروح بالخورنق والسدير

وبعد فوارس النعمان أرعى ... قلوصًا بين مرة والحفير

فصرنا بعد هلك أبي قبيس ... كجرب المعز في اليوم المطير

نؤدي الخرج بعد خراج كسرى ... وخرج من قريظة والنضير٣

وكانت ملابس الجند الفارسيين وشكتهم يثيران في نفوس المسلمين بعض الدهشة، فذكروها في شعرهم، من مثل قول ربيعة بن مقروم:

متسربلي حلق الحديد كأنهم ... جرب مقارفة عنية مهمل٤

كما أخذت بعض الكلمات الفارسية تسقط إلى المسلمين فيعجبون لها، كما حدث لهذا الذي يقول:

تبدلت من ليلى وجارات بيتها ... قرى نبطيات يسمينني مردا٥


١ ياقوت ج٢، ص٨٠٢.
٢ ياقوت ج٤، ص٦٥.
٣ ياقوت ج٢، ص٤٩٢.
٤ المفضليات ٢٦٨.
٥ ياقوت ج٤، ص٩٠٦.

<<  <   >  >>