للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمون حتى دخل الحيرة، وهناك وزع عماله وخلف القعقاع على الحيرة والزبرقان بن بدر على الأنبار١. ثم خرج لإغاثة عياض بدومة الجندل، وارتد إلى الحيرة بعد أن أدى مناسك الحج؛ حيث تلقى كتابًا من أبي بكر يندبه إلى الشام، وفصل خالد في نصف الجند٢، وحرص على أن يكون معه صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أحفظ المثنى الذي خلفه على أمر العراق فيمن كانوا معه من قبل على الأرجح٣.

وبرغم أن المثنى انتصر بهذا الجيش على الفرس في بابل إلا أنه وجد نفسه بحاجة إلى الأمداد، فخلف بشير ابن الخصاصية وانطلق إلى المدينة، حين كان الخليفة الأول يجهز الجيوش لفتح الشام، إثر كتاب خالد بن سعيد٤.

وكان الخليفة مريضًا، ويبدو أن المدينة كانت تعاني هي الأخرى نقصًا في الرجال، فأخذ المثنى يدافع عن وجهة نظره أمام أبي بكر في أن يؤذن له باستنفار من ظهرت توبته من المرتدين٥. ولم يمهل القدر الخليفة ليندب الناس مع المثنى، فلحق بربه بعد أن أوصى عمر بأن يفعل، وأن يرد كتيبة خالد إلى العراق -إن فتح الله عليهم- فإنه أهله وأحق به٦. واستفتح عمر عهده بتنفيذ وصية أبي بكر، فرفع الحظر عمن عادوا إلى الإسلام من المرتدين، واستمالهم كي يسارعوا إلى التطهر بجهادهم من حوبة ردتهم. وأخذ عمر يندب الناس أيامًا أربعة، وكان أول من انتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي، فأمَّره عمر على ألف من الأنصار٧، وأقبل المتطهرون من كل صوب، فرمى بهم عمر إلى العراق والشام٨.

وفي هذه القوات يسير أبو عبيد ليلحق بالمثنى وجنده بخفان؛ حيث يخوضان ضد الفرس معارك منتصرة، حتى كانت معركة الجسر وقُتل أبو عبيد، وأصيب في أربعة آلاف


١ الطبري ١/ ٤/ ٢٠٥٨، ٢٠٦٢، ٢٠٦٧.
٢ الطبري ١/ ٤/ ٢٠٨٩.
٣ الطبري ١/ ٤/ ٢١٢٢.
٤ الطبري ١/ ٤/ ٢٠٨٢.
٥ الطبري ١/ ٤/ ٢١٢٠.
٦ نفس المرجع.
٧ الطبري ١/ ٤/ ٢١٦١.
٨ الطبري ١/ ٤/ ٢١٦٥.

<<  <   >  >>