للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأدباء للأدباء, ولكن ذلك شيء واختلاف الذوق شيء آخر, وهؤلاء كتاب أوربا وأدباؤها يتحدث بعضهم إلى بعض, ويتحدثون إلى جمهور الناس في الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية، فلا يختلف الذوق الأدبي فيما يكتبون باختلاف القرَّاء، وإنما يؤثرون الوضوح والجلاء حينًا؛ فيطنبون ويسهبون ويصطنعون ألفاظًا ألفها الناس, ويؤثرون القصد والإيماء حينًا؛ فيوجزون ويتخيَّرون ألفاظًا منتقاة, والذوق هو الذوق، والكتابة هي الكتابة، وروح العصر الذي يعيشون فيه هو فيما يكتبون لنظرائهم, وفيما يكتبون لعامَّة الناس"١.

فالبلاغة الجديدة -إذن- في الاتصال بالجماهير عند طه حسين لا تتناول الألفاظ وحدها, وإنما تتناول الألفاظ والأساليب والمعاني و"فنون القول على اختلافهما. علينا أن نحتفظ بقواعد اللغة ونظمها العامة فلا نفسدها, ولكن علينا أن نخضع هذه اللغة لما نشعر ولما نجد، وأن نمنحها من المرونة ما يمكنها من أن تكون أداة صالحة لوصف ما نشعر وما نجد"٢.

وتأسيسًا على هذا الفهم، فإننا نحاول فيما يلي إيجاز الخصائص والسمات العامة لهذه البلاغة الجديدة في مقال طه حسين:


١ السياسة في ١٣ يونيو ١٩٢٣, المرجع السابق ص١٦.
٢ السياسة في ٢٧ يونيو ١٩٢٣, المرجع السابق ص٣٦.

<<  <   >  >>