للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"بلغ بنا المصعد الطابق الثالث من فندق شبرد فأخذنا عن اليمين، ثم ذهبنا في مجازٍ طويل انتهى بنا إلى باب وراءه تاجور.

"تَقَدَّمَ الأديب المهذَّب مسيو سوارس، فدقَّ برفقٍ مرتين، وفتح الباب غير منتظر إذنًا، ودخلنا على أثره معه. الحجرة في زاوية بحرية غريبة، يقع الباب في الناحية الشرقية منها، فإذا دخلت وجدت سريرًا وأثاث مضجع متوسط التنجيد, ووجدت قبالتك ركنًا ممهدًا فيه عن اليمين منضدة فوقها طاقة من ورد حمراء, وعن اليساء مكتب صغير ألقيت تحته جرائد إنجليزية منشورة, ومن فوقه كتب وأدوات كتابة ومحظفة من الجلد ومصباح كهربائي وإناء فيه أزهار بيضاء.

"بين الرياحين والأوراق، في ذلك الركن الشبيه بالمحراب استوى الشاعر الفيلسوف على كرسي غير عالٍ في ثوبه البرتقالي الفضفاض, وهو حاسر الرأس وقد خلع نعليه"١. ثم تكشف المقدمة سمات "تاجو" وخصائصه كما تَبينُ على وجهه:

"تاجور ذو وجه مستطيل سمح الملامح, يكلله شعر مسترسل موفور قد فرقه في سواد الرأس فانسدل على الأذنين، منتهيًا في شبه تجعد، يؤلف من تلك المنصل البيضاء هالة مشرقة"٢ ... إلخ.

ثم تكشف إدارة "الحديث الحواري" عن طريقة جديدة، لا تجعل منه مجرد نقل حديث كما جاء حرفيًّا، وإنما تميزه بالفن والأسلوب الدرامي.

"قال أحدنا: إن مما يُؤسَفُ له أن زيارة الشاعر الحكيم لمصر قصيرة لا تسمح له بأن يزور جامعتها المصرية الناشئة, وجامعتها الأزهرية العتيقة, ويتحدث إلى رجال هاتين الجامعتين:

"قال تاجور: كم كنت أحب ذلك وأرغب فيه, ولا سيما بعدما لاحظته من أنَّ في مصر ثقافة راقية جعلت شعبها الإسلامي بمعزل مما يظهر عند الشعوب الإسلامية الهندية من الإسراف في الاستمساك بالقديم, والاستعصاء على حركة التجديد, وما يستتبع ذلك من الآثار ... إلخ" وينتهي الحديث بخاتمة تنويرية، توحي للقارئ بأنها نتيجة لازمة لمقدمات لحديث وتشابك الحوار.

"وكان الشيخ قد أصابه الجهد لأنه من أولئك الذين إذا تكلموا وضعوا أنفسهم كلها فيما يقولون. فكرهنا أن نشقَّ عليه وكرهنا أن نستأثر به دون


١، ٢ السياسية الأسبوعية في ٤ ديسمبر ١٩٢٦.

<<  <   >  >>