للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى"١ مستحدثًا في الأسلوب العربي ما يسمى بالأسلوب السياسي٢, بحيث يمكن القول أن مقال السيد علي يوسف يضع البداية الفاصلة بين فنِّ المقال الصحفي وفنِّ المقال الأدبي، فكان رائدًا لمن أتوا بعده من كبار الصحفيين٣.

على أن المضمون السياسي في مقال علي يوسف، يمثِّلُ اتجاهًا من اتجاهات الحركة الوطنية في عهد الاحتلال، يتجه إلى تأييد الخديو من جهة، والدعوة إلى الرأي المحافظ من جهة أخرى, كما يذهب إلى ذلك تشارلس آدمس. فالفرق بين الزعيم مصطفى كامل وعلي يوسف هو "الفرق بين السياسة القومية وسياسة القصر والحاشية الخديوية، أو الفرق بين الخطيب المنطلق والكاتب الحصيف٤".

وتأسيسًا على هذا الفهم نَتَلَمَّسُ اتجاهين إلى جانب هذا الاتجاه المحافظ، غلبا على الحركة الوطنية في عهد الاحتلال، اتجاه حماسي متطرِّفٌ في عداوته للاحتلال, وآخر معتدل٥ لا ينكر التعاون مع الإنجليز والسير معهم لتحقيق المصلحة العامة للبلاد، ورأي يقول: إنه لا أمل في الإصلاح الحقيقي إلا بزوال الاحتلال, وآخر يقول: إن الإصلاح الحقيقي الداخلي هو وسيلة الجلاء٦, وكان على الاتجاه الأول والرأي الأول مصطفى كامل وشيعته، وعلى الاتجاه الثاني جماعة من الأعيان المصريين وبعض "حصفاء" الثورة العرابية٧ الذين شهدوا تذبذب السياسة الفرنسية والسياسة العثمانية قبل الاحتلال, فاستقاموا على الطريق الممهَّد لهم من تزويد الأمة بعد العلم والإصلاح الداخلي٨.

وفي الاتجاه الثاني -الاتجاه المعتدل- سارت "الجريدة" فحملت عبء الدفاع عن الرأي الذي يقول بأن الإصلاح الداخلي بالتعاون مع الاحتلال هو أقوم السبل إلى تحقيق الاستقلال٩, كما سار فيه غير أصحاب الجريدة ممَّن تفاوتت درجات اعتدالهم وتعاونهم مع الاحتلال وآمالهم في الإصلاح١٠, في حين دعا مصطفى كامل إلى وضع حَدٍّ للاحتلال البريطاني، ورأى إمكان تحقيق ذلك بمساعدة دولة ثالثة، وهي إما فرنسا الخصم التقليدي لانجلترا


١، ٢ الدكتور عبد اللطيف حمزة: أدب المقالة جـ٤ ص٢٢٥، ٢٣٨.
٣ الدكتور إبراهيم إمام: نفس المرجع ص٣٠٠.
٤ عباس محمود العقاد: المرجع ص١.
٥ Lord Loyd: V.I. p. ٥٠.
٦ أحمد أمين: زعماء الإصلاح ص٣١٣, تشارلس آدمس: الإسلام والتجديد ص٢١٠, الدكتور حسين فوزي النجار: الجريدة ص٨٠.
٧ عباس العقاد: سعد زغلول ص٩٠.
٨ الدكتور حسين فوزي النجار: المرجع السابق ص٨٠.
٩، ١٠ الدكتور حسين فوزي النجار: نفس المرجع, تشارلس آدمس نفس المرجع ص١٩٦-٢١٤.

<<  <   >  >>