للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أجل ذلك وجدنا فنَّ المقال الصحفي في أدب طه حسين يقوم على الوضوح والدقة الاستقرائية والتشويق في صياغة المقال. الأمر الذي يجعله يقاوم إغراء الزوايا المحيطة بالنبأ أو الحدث، ليجيء مقاله مركَّز الفكرة، محدَّد الموضوع، واضح الهدف، بسيط التعبير، فينتقي من هذه الزوايا ما يخدم أهداف المقال، وما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقضيته، ونحن نعرف أن "الكاتب الذي حدَّدَ أهداف مقاله، ويتذكرها طوال تحريره، لن يستسلم لإغراء الهوامش، أو النقاط التي قد تذهب بالموضع بعيدًا عن قضيته الأساسية، والتي تكون في الغالب على حساب المراحل الأخرى في تحليل الموضوع وتحرير المقال، وهي مراحل قد تتساوى في الأهمية١". فوضوح الهدف على نحو ما تشير إليه دراسة الرؤيا الإبداعية في مقال طه حسين وتحديده يعصمان المقال من الاقتضاب المخلِّ, أو الغموض الذي يَضُرُّ بعملية الاتصاب بجمهور القارئين. ذلك أن المقال الأمثل هو الذي يعطي الحقائق في أسلوب بسيط ومباشر يؤثر الوضوح ويفضله في الاتصال بالقارئين٢.

وهو الأمر الذي يرتبط بالرؤيا الإبداعية في مقال طه حسين كما تَقَدَّم، حيث تنبع بنية المقال وأسلوب تحريره من رؤيا تحرص على الوضوح والتميز، في نسق استقرائي يحتفظ باهتمام القراء، ويفجر رغبتهم في المعرفة، ويضعهم في حالة "ترقب" مستمر لما يجيء "من بعد"، كما يفعل الكاتب القصصي, ويمكن أن نتصور هذا النسق الاستقرائي في نمطين من الأنماط التي يتألَّف منها المقال الصحفي، في أدب طه حسين:


١ M. Lyl Spencer, op. cit., p. ٩٣.
٢ George Fox Matt and others, op. cit., p. ٢٤١.

<<  <   >  >>