للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد، للكُتَّاب قسطًا من الحرية لم يتح لهم في الصحف اليومية ليعالجوا موضوعات تتعلق بالنهضة المنشودة.

ولم يلبث طه حسين أن عُيِّنَ رئيسًا لتحرير جريدة "الاتحاد" لسان حزب الاتحاد، الذي أوعز القصر بإنشائه في سنة ١٩٢٥، ويذكر الدكتور هيكل أن "الصحف أعلنت أن جريدة الاتحاد ستظهر لسانًا لحزب الاتحاد، وأن المسئولين عن هذا الحزب قد اختاروا صديقي وزميلي في تحرير السياسة الدكتور طه حسين، رئيس تحرير لجريدتهم، كما عُيِّنَ يحيى باشا إبراهيم رئيسًا للحزب، وعلي ماهر باشا وكيلًا له. وظهرت الجريدة الجديدة فهاجمها الوفديون, وهاجموا الحزب الذي تنطق باسمه, وردت الجريدة هجومهم، وبدأ محرورها ينهضون بالعبء الملقى على كواهلهم"١, على أن هذه الصحيفة لم تلبث هي وزميلتها "الشعب" من بعد، أن خمل ذكرهما، رغم الأقلام الغنية عن علم وفهم فيهما، إذ كان حرَّرَ فيها إبراهيم المازني وغيره من الكُتَّاب النابهين٢, ولعل مرجع ذلك إلى أن الحزب نفسه لم يلق استجابة من الرأي العام، بل وجد على النقيض من ذلك انصرافًا مرًّا٣, وعن هذا الحزب يقول طه حسين فيما بعد: "إنما هي جماعات تتألف من أفراد لهم مآرب"٤، ويذهب إلى أن حزبي "الاتحاد" و"الشعب": "حزبان شقيقان لأم وأب لم يقع بينهما خلاف, ولن يقع بينهما من ألفة ومودة ومن صلة لن تنقطع وحبٍّ لن يصيبه الصدأ، هو قول الشاعر القديم:

رضيعي لبان ثدي أم تقاسما ... بأسحم داج عوض لا تتفرق٥

ولعل تجربة طه حسين في صحيفة "الاتحاد" هي التي جعلته يرفض طلب صدقي باستقالته من الجامعة ليصبح رئيسًا لتحرير "الشعب" لسان حزب "الشعب" الذي أنشأه صدقي في ١٩٣٠، كما تَقَدَّمَ.

وفي مارس ١٩٣٣ طلب إليه زعيم الوفد: مصطفى النحاس أن يكتب في "كوكب الشرق" التي كان يصدرها حافظ عوض، فقَبِلَ، وكان ثَمَّتَ ائتلاف بين الوفديين والأحرار الدستوريين ضد صدقي. ويعلل طه حسين انتقاله إلى صحف الوفد بقوله: "لقد جرت العادة أن يتغير الناس كلما تقدمت


١ الدكتور حسين هيكل: مذكرات جـ١ ص٢٢٧.
٢ الدكتور إبراهيم عبده: مرجع سابق ٢١٣.
٣ محمد زكي عبد القادر: مرجع سابق ص٥٦.
٤ كوكب الشرق في ١٩ مارس ١٩٣٣.
٥ كوكب الشرق في ٢٩ يوليو ١٩٣٣.

<<  <   >  >>