للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثقافة العامة أول الأمر، متَّجِهٌ إلى السياسة والنزال بعد ذلك, وهو يبتدع فنونًا جديدة لمقاله، نجد منها ما يمكن أن نسميه "بالعمود الثقافي" في "حديث الأربعاء"١, والاتجاه نحو قضايا التعليم وشئونه وغاياته٢، وحرية الفكر والرأي٣ وقضية الجديد والقديم٤, وفي "السياسة" يكتب كذلك المقال الرئيسي موقعًا في كثير من الأحيان، وقد يتناول قضية اجتماعية كالتعليم٥, كما قد يتَّجِه اتجاهًا سياسيًّا أو نزاليًّا كما سيجيء, ويكتب "المقال الافتتاحي" للصحيفة: "حديث اليوم" مكان الدكتور هيكل في بعض الأحيان٦، ولكنه يوقعه، ويتخذ له عناوين تميزه، وعن هذه الصحيفة عُرِفَ التهكُم السياسي إن صح التعبير، في مقالات طه حسين٧ الصحفية، ولم يلبث المفهوم الأرسطي "للسياسة" أن وسم مقالاته بسمات "التنوير" و"التثقيف" و"التصوير" و"النقد" في صفحة "الأدب" التي كان يحررها طه حسين، والتي وسمت صحيفة "السياسة الأسبوعية"، بميسها منذ صدورها في مارس ١٩٢٦. ويذكر الأستاذ حافظ محمود٨ أن إدارة جريدة "السياسة" اليومية لاحظ أعضاؤها رواجها يوم الأربعاء الذي تظهر فيه الصفحة الأدبية ولم يكن رواج قراء فقط، ولكنه كان رواج أفكار يرسل بها كُتَّاب وقرّاء هذه الصفحة، ومن هنا نشأت فكرة إصدار "السياسة الأسبوعية".

على أننا نلاحظ كذلك ارتباطًا بين توقيت إصدار "السياسة الأسبوعية" التي صدرت في مارس ١٩٢٦، وبين قضية فكرية كان بطلُها طه حسين ونعني قضية "الشعر الجاهلي" الذي صدر في نفس العام، وانتصر فيها كُتَّاب المقال الصحفي من مدرسة التجديد على اختلاف نزعاتهم الحزبية لحرية الفكر, فكان إنشاء هذه الصحيفة الأسبوعية في تلك الأثناء تأكيدًا لحرية الفكر، وتحريره من قيود السياسة. وهو ما نلاحظه في مقال لطه حسين بالعدد الأول عن "الشعر الجاهلي والشك فيه"٩, الأمر الذي يوجب إطلاق وظيفة التثقيف في الصحافة المصرية من كل القيود والمؤثرات الحزبية.

ونتيجةً لذلك أتاحت "السياسة الأسبوعية" و"البلاغ الأسبوعي" من


١ السياسة في أول نوفمبر ١٩٢٢.
٢ السياسة في ١٤ نوفمبر ١٩٢٢.
٣ السياسة في ٢٩ نوفمبر ١٩٢٢.
٤ السياسة في ٢٠ ديسمبر ١٩٢٢.
٥ السياسة في ١٤ نوفمبر ١٩٢٢.
٦ السياسة في ١١ يناير ١٩٢٣, ٢٦ يناير ١٩٢٣.
٧ الدكتور إبراهيم عبده: مرجع سابق ص٢٠٥.
٨ من حديث معه, عبد العزيز شرف: مرجع سابق ص٢١٨.
٩ السياسة الأسبوعية في ١٣ مارس ١٩٢٦.

<<  <   >  >>