للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حال برده المؤلم، وحره المزعج، فربما أجاب أو أفتى بغير الصواب، ولأنه لا يتمكن مع ذلك من استيفاء النظر، ولا يكون في مجلسه ما يؤذي الحاضرين؛ بل يكون واسعا مصونا من الحر والبرد والريح والغبار والدخان ونحو ذلك.

ومنها: ينبغي مراعاة١ مصلحة الجماعة في تقديم وقت الحضور وتأخيره في النهار، وأفتى بعض أكابر العلماء أن المدرس إذا درس قبل طلوع الشمس أو أخره إلى بعد الظهر لم يستحق معلوم التدريس إلا أن يقتضيه شرط الواقف لمخالفته العرف المعتاد، ولا يرفع صوته زيادة على الحاجة، ولا يخفضه خفضا يمنعهم من كمال الفهم٢، روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الله يحب الصوت الخفيض ويبغض الصوت الرفيع"٣، قال أبو عثمان محمد٤ بن الإمام الشافعي رضي الله عنهما: ما سمعت أبي يناظر أحدا قط فرفع صوته٥؛ أي: لم يرفع فوق العادة٦، فإن حضر فيهم ثقيل السمع، فلا بأس بعلو صوته بقدر ما يسمعه٧.

ومنها: أن يصون مجلسه من اللغط، وعن رفع الأصوات، وسوء الأدب في المباحثة واختلاف جهات البحث٨، قال الربيع٩: كان الشافعي إذا ناظره أحد


١ تذكرة السامع والمتكلم ٤٤.
٢ تذكرة السامع والمتكلم ٣٩.
٣ الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ١/ ٤١٢، وانظر أيضا تذكرة السامع والمتكلم ٣٩.
٤ وهو أكبر أولاد الشافعي، ولما توفي والده كان بالغا مقيما بمكة، ولي القضاء بالجزيرة وأعمالها، وولي أيضا القضاء بمدينة حلب، وبقي بها سنين كثيرة، توفي في الجزيرة بعد سنة ٢٤٠هـ. طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ٧١.
٥ تذكرة السامع والمتكلم ٣٩.
٦ في تذكرة السامع والمتكلم ٣٩ قال البيهقي: "أراد -والله أعلم- فوق عادته".
٧ تذكرة السامع والمتكلم ٣٩.
٨ تذكرة السامع والمتكلم ٤٠.
٩ هو أبو محمد، الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي، بالولاء، المصري: صاحب الإمام الشافعي، وراوي كتبه، وأول من أملى الحديث بجامع ابن طولون، كان مؤذنا، وفيه سلامة وغفلة، مولده ووفاته في مصر سنة ٢٧٠هـ. السير ١٢/ ٥٨٧، وطبقات السبكي ٢/ ١٣٢.

<<  <   >  >>