للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاذكوني١، وعمرو بن٢ علي، وأحمد بن حنبل٣، ويحيى بن معين٤ وغيرهم يسألونه عن الحديث وهم قيام على أرجلهم إلى أن تحين صلاة المغرب لا يقول لواحد منهم اجلس ولا يجلسون هيبة له وإعظاما، قلت: وهذا القيام بين يديه لله لا له، وإنما لما خصه الله من العلم وهيبته ومنحته، فلا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن يتمثل الناس له قياما فليتبوأ مقعده من النار" ٥؛ لأنه لا يحب ذلك لنفسه؛ وإنما للسر المودع فيه من العلم، ولتهذيب أخلاق الطلبة وصونهم عن التكبر وتخلقهم بالتواضع٦، والله أعلم.

ومنها: أن يعرف للمعلم٧ حقه، ولا ينسى له فضله ويتواضع٨ له ويذل


١ هو أبو أيوب، سليمان بن داود بن بشر المنقري البصري، المعروف بالشاذكوني: الحافظ الشهير، قال عنه السيوطي: من أفراد الحافظين إلا أنه واهٍ، جالس الأئمة والحفاظ ببغداد، ثم خرج إلى أصبهان فسكنها، وانتشر حديثه بها، وكان ذا هيئة حسنة، كما كان يتهم بشرب النبيذ وغير ذلك، وكان يتهم بوضع الحديث، مات بالبصرة سنة ٢٣٤هـ. طبقات الحفاظ ٢٣٦، والسير ١٠/ ٦٧٩.
٢ هو أبو حفص، عمرو بن علي بن بحر السقاء الفلاس: باحث من أهل البصرة، سكن بغداد، كان من حفاظ الحديث الثقات، ففي أصحاب الحديث من يفضله على ابن المديني، مات في سر من رأي سنة ٢٤٩. تهذيب التهذيب ٨/ ٨٠، والأعلام ٥/ ٨٢.
٣ الإمام الكبير، صاحب المذهب، وصاحب المسند.
٤ أبو زكريا، يحيى بن معين بن عوف بن زياد البغدادي: من أئمة الحديث ومؤرخي رجاله، نعته الذهبي بسيد الحفاظ، وقال العسقلاني: إمام الجرح والتعديل، وقال ابن حنبل: أعلمنا بالرجال، خلف له أبوه ثروة كبيرة، فأنفقها في طلب الحديث، عاش في بغداد، ومات بالمدينة حاجا سنة ٢٣٣هـ. تاريخ بغداد ١٤/ ١٧٧، وتهذيب التهذيب ١١/ ٢٨٠.
٥ رواه أبو داود رقم ٥٢٢٩ في الأدب، والترمذي رقم ٢٧٥٦ في الأدب، ومجمع الزوائد ٨/ ٤٠، وفيض القدير ٦/ ٤١، والجامع لأخلاق الراوي ١/ ٤٠٠.
٦ تفسير القرطبي ٩/ ٢٦٦، وفتح الباري ١١/ ٥٠.
٧ تذكرة السامع ٩٠، وقد قال قرة بن خالد: كان الحسن إذا قدم عكرمة البصرة أمسك عن التفسير والفتيا ما دام عكرمة بالبصرة.
٨ تذكرة السامع ٩٠.

<<  <   >  >>