للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله الثاني، فإن لم يكن عمل بالأول لم يجز العمل به، وإن كان عمل قبل رجوعه وجب نقضه إن خالف دليلا قاطعا، فإن كان في محل اجتهاد لم يلزمه نقضه؛ لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، نعم لو نكح المجتهد امرأة خالعها ثلاثا لرأيه الخلع فسخا مثلا، أو أمسك امرأة رأى أنها لم تطلق منه ثم تغير اجتهاده لزمه مفارقتها احتياطا للإبضاع، وكذا لو فعل المقلد ذلك ثم تغير اجتهاد مقلده على الصحيح، ولو قال مجتهد آخر: أخطأ بك من قلدته فلا أثر لقوله وإن كان أعلم إن كانت مسألة اجتهادية، وإذا كان يفتي على مذهب إمام معين فرجع لكونه بأن له مخالفة نص مذهب إمامه وجب نقضه ولو كان في محل الاجتهاد أيضا؛ لأن نص إمامه في حقه كنص الشارع في حق المجتهد المستقل، أما إذا لم يعلم المستفتي برجوع المفتي فكأنه لم يرجع في حقه، ويلزم المفتي إعلامه برجوعه قبل العمل، وكذا بعده حيث يجب النقض، وإن عمل بفتواه في إتلاف ثم بان أنه أخطأ وخالف القاطع فعن الأستاذ أبي إسحاق كما حكاه ابن الصلاح أنه يضمن إن كان أهلا للفتوى١، وإلا فلا لأن المستفتي قصر، قال شيخ الإسلام النووي: وهو مشكل وينبغي أن يخرج الضمان على قولي الغرور المعروفين في بابي الغضب والنكاح وغيرهما أو يقطع بعدم الضمان؛ إذ ليس في الفتوى إلزام ولا إلجاء. انتهى.

الثالثة٢: إذا أفتى في حادثة ثم حدثت مثلها، فإن ذكر الفتوى الأولى ودليلها بالنسبة إلى أصل الشرع إن كان مستقلا أو إلى مذهبه إن كان منتسبا أفتى بذلك بلا نظر، وإن ذكرها ولم يذكر دليلها ولا طرأ ما يوجب رجوعه فقيل: له أن يفتي بذلك، والأصح وجوب تجديد النظر، ومثله القاضي إذا حكم بالاجتهاد ثم وقعت المسألة، وكذا تجديد الطلب في التيمم والاجتهاد في


١ كتاب العلم للنووي ص١٢٦.
٢ كتاب العلم للنووي ص١٢٩.

<<  <   >  >>