وهكذا سيظهر لنا أن الفكر التربوي في تاريخه الطويل عندما حافظ على وحدة واستمرارية، وتميز بشخصية تشابهت أبعادها عبر قرون مديدة وفي أماكن مختلفة، فكتاب المعيد في أدب المفيد والمستفيد، المكتوب في القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، قل أن يختلف مع الكتب التي ألفها الغزالي وابن جماعة وزين الدين بن أحمد الزرنوجي وغيرهم.
ذلك أن طرائق التعليم، وبُنى العملية التربوية، وموضوعات الدراسة أو برامجها، والنظرة للمعلم ولغاية التعليم، وهي كلها موضوعات نلقاها عند المفكرين المذكورين أعلاه دون كبير تغيير أو تطور واضح.
يوفر لنا إذن كتاب العلموي فرصة لدراسة الفكر التربوي في القرن العاشر/ السادس عشر، وبذلك نقرأ أيضا فلسفة صنع الإنسان، والمطلوب من المربي، وصورة الرجل الكامل والمجتمع الفاضل بحسب تصور ذلك القرن من الزمان، وتلك القراءة مناسبة صالحة أو حقل خاص يتيح الدراسة التحليلية النقدية، والمنهج المقارن، والغايات الاستيعابية المعروفة في دراسة التاريخ والتطور ...
٢- العلموي ملخصا أو مؤلفا لكتاب "العميد":
عبد الباسط العلموي شيخ دمشقي "٩٠٧-٩٨١" كان أبوه خطيب جامع الحاجب "سوق صاروجا، دمشق" خطب عبد الباسط في ذلك الجامع في الرابعة عشرة من عمره، ترك دمشق إلى القرعون، ثم رجع إلى بلده الأصلي، وتولى رئاسة المؤذنين في جامع دمشق الأموي "٩٣٨هـ"، وكان يعظ فيه في مناسبات دينية.
العلموي فقيه دمشق الأكبر، وواعظ ذو شهرة وقدرات، ومن المعروف -حتى اليوم- أنه لم يدرس بعد.