للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابعة١: حيث دونت المذاهب وقلنا بلزوم التقليد لمن يعتقده أفضل من غيره، أو مساويا له لا مفضولا، فهل للمقلد أن ينتقل من مذهب إلى مذهب إن قلنا بالتخير ينبغي أن يجوز كما لو قلد في القبلة هذا أياما، وهذا أياما، وكذلك لو لم نخيره، بل ألزمناه بالبحث وتغير ظنه، ولو قلد مجتهدا في مسائل وآخر في مسائل أخرى، واستوى المجتهدان عنده أو خيرناه جاز ما لم يؤد إلى تتبع الرخص، ومنع الأصوليون منه مطلقا للمصلحة، أما تتبع الرخص فهو أن يختار من كل مذهب ما هو أهون عليه فهو حرام، وفي فسقه بذلك خلاف.

الخامسة٢: قال الخطيب البغدادي: إذا لم يكن في الموضع الذي فيه المستفتي إلا مفت واحد فأفتاه لزمه فتواه، وقال السمعاني٣: لم يلزمه العمل به إلا بالتزامه، ويجوز أن يقال: يلزمه إذا أخذ في العمل به، وقيل: إذا وقع في نفسه صحته، قال السمعاني: وهذا أولى الأوجه٤، قال في الروضة٥: من سأل مفتيا ولم تسكن نفسه إلى فتياه هل يلزمه أن يسأل ثانيا وثالثا لسكن نفسه أم له الاقتصار على الأول وهو القياس وجهان٦. انتهى.


١ كتاب العلم للنووي ص١٤٧.
٢ كتاب العلم للنووي ص١٤٨.
٣ هو أبو المظفر السمعاني، منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد المروزي السمعاني التميمي الحنفي ثم الشافعي: مفسر، من العلماء بالحديث، من أهل مرو مولدا ووفاة، كان مفتي خراسان، قدمه نظام الملك على أقرانه في مرو، له "تفسير السمعاني" و"الانتصار لأصحاب الحديث" و"القواطع" في أصول الفقه، "والمنهاج لأهل السنة" و"الاصطلام" في الرد على أبي زيد الدبوسي، وهو جد السمعاني صاحب "الأنساب" عبد الكريم بن محمد، توفي سنة ٤٨٩هـ. السير ١٩/ ١١٤، والأعلام ٧/ ٣٠٣.
٤ كتاب العلم للنووي ص١٤٨.
٥ روضة الطالبين وعمدة المتقين لأبي زكريا النووي، وهو في الفقه الشافعي، طبع في بيروت في المكتب الإسلامي سنة ١٤٠٥هـ.
٦ روضة الطالبين ١١/ ١٠٤ و١٠٥ و١١٧.

<<  <   >  >>